فالحي المؤمن الذي تخرج طينته من طينة الكافر والميت الذي يخرج من الحي هو الكافر الذي يخرج من طينة المؤمن فالحي المؤمن والميت الكافر وذلك قوله عز وجل : « أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ » (١) فكان موته اختلاط طينته مع طينة الكافر
______________________________________________________
الطري الخضر من الحب اليابس ، ويخرج الحب اليابس من النبات الحي النامي عن الزجاج والعرب تسمى الشجرة ما دام غضا قائما بأنه حي ، فإذا يبس أو قطع أو قلع سموه ميتا.
وقيل : معناه يخلق الحي من النطفة وهي موات ، ويخلق النطفة وهي موات من الحي عن الحسن وغيره ، وهذا أصح ، وقيل : معناه يخرج الطير من البيض والبيض من الطير عن الجبائي ، وقيل : يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن.
ثم قال سبحانه في هذه السورة أيضا : « أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها ».
قال الطبرسي : أومن كان ميتا أي كافرا فأحييناه بأن هديناه إلى الإيمان عن ابن عباس وغيره ، شبه سبحانه الكفر بالموت والإيمان بالحياة ، وقيل : معناه من كان نطفة فأحييناه وجعلنا له نورا ، المراد بالنور العلم والحكمة أو القرآن أو الإيمان ، وبالظلمات ظلمات الكفر ، وإنما سمي الله الكافر ميتا كأنه لا ينتفع بحياته ولا ينتفع غيره بحياته فهو أسوأ حالا من الميت إذ لا يوجد من الميت ما يعاقب عليه ، ولا يتضرر غيره به ، وسمي المؤمن حيا لأنه له ولغيره المصلحة والمنفعة في حياته وكذلك سمي الكافر ميتا والمؤمن حيا في عدة مواضع ، مثل قوله : « إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى » (٢) و « لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا » (٣) وقوله : « وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ » (٤)
__________________
(١) سورة الأنعام : ١٢٢.
(٢) سورة الروم : ٥٢.
(٣) سورة يس : ٧٠.
(٤) سورة فاطر : ٢٢.