وكان حياته حين فرق الله عز وجل بينهما بكلمته كذلك يخرج الله عز وجل المؤمن في الميلاد من الظلمة بعد دخوله فيها إلى النور ويخرج الكافر من النور إلى الظلمة
______________________________________________________
وسمي القرآن والعلم والإيمان نورا لأن الناس يبصرون بذلك ، ويهتدون به من ظلمات الكفر وحيرة الضلالة ، كما يهتدى بسائر الأنوار ، وسمي الكفر ظلمة لأن الكافر لا يهتدي بهداه ولا يبصر أمر رشده « انتهى ».
وأقول : على التأويل المذكور في الخبر وأكثر التفاسير المذكورة قوله تعالى : « يُخْرِجُ الْحَيَ » بيان لقوله « فالِقُ الْحَبِ ».
قوله : حين فرق الله بينهما بكلمته ، أي بقدرته أو بأمر كن ، أو بجبرئيل ، والتفريق في الميلاد أو في الطينة ، والأول أظهر ، فقوله : كذلك ، تشبيه الإخراج من الظلمات إلى النور وبالعكس بإخراج الحي من الميت وبالعكس ، في أن المراد فيهما إخراج طينة المؤمن من طينة الكافر وبالعكس ، وليس المراد تأويل تتمة تلك الآية أعني قوله سبحانه : « أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً » « إلخ » فإنه لم يذكر فيها إخراج الكافر من النور إلى الظلمة ، بل فيها أنه في الظلمات ليس بخارج منها بل هو إشارة إلى قوله تعالى : « اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ » (١) الآية ، ولا ينافيه قوله عليهالسلام : ويخرج الكافر ، مع أن في الآية نسب الإخراج إلى الطاغوت لأن لخذلانه سبحانه مدخلا في ذلك ، مع أنه يمكن أن يقرأ على بناء المجرد المعلوم ، أو على بناء المجهول ، وما قيل : من أنه يظهر من هذا الحديث أن إخراج المؤمن من الكافر وبالعكس في وقتين تفريق الطين ووقت الولادة فليس بظاهر كما عرفت.
ثم استشهد عليهالسلام لإطلاق الحياة على الإيمان أو كونه من طينة مقربة له بقوله سبحانه : « لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا » أي كان من طينة الجنة على تأويله عليهالسلام ، قال الطبرسي : أي أنزلناه ليخوف به من معاصي الله من كان مؤمنا لأن الكافر كالميت بل أقل من الميت أو من كان عاقلا كما روي عن علي عليهالسلام وقيل : من كان حي القلب
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٥٧.