بعث نوحا إلى قومه « أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ » (١) ثم دعاهم إلى الله وحده وأن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ثم بعث الأنبياء عليهمالسلام على ذلك إلى أن بلغوا محمدا صلىاللهعليهوآله فدعاهم إلى أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا وقال « شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى
______________________________________________________
قرره على الشرك « وَأَطِيعُونِ » فيما أمركم به وأذعنوا لنبوتي فلم يذكر فيما أنذرهم به إلا هذين الأمرين.
« ثم دعاهم » أي ثم بعد ذلك استمر على هذه الدعوة زمانا طويلا فكانت دعوته منحصرة في التوحيد ونفي الشريك ، وكان قبولهم ذلك منه مستلزما للإذعان بنبوته « ثم بعث الأنبياء » أي ثم بعث سائر أولي العزم في أول بعثتهم على هذا الأمر فقط ، إلى أن انتهت سلسلة أولي العزم وسائر الأنبياء إلى محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم فكان صلىاللهعليهوآلهوسلم في أول بعثته بمكة يدعوهم إلى التوحيد وما يتبعه من الإقرار بالنبوة بل المعاد أيضا فإنه أيضا من الأمور التي نزلت الآيات المشتملة على التهديدات العظيمة فيها قبل الهجرة ، فالمراد جميع أصول الدين سوى الإمامة ، وذكر التوحيد على المثال ، أو على أن الإقرار به مستلزم للإقرار بسائر الأصول ، ويؤيده قوله عليهالسلام بعد ذلك : والإقرار بما جاء به من عند الله.
قوله عليهالسلام : وقال ، أي في سورة الشورى وهي مكية ، على ما ذكره المفسرون إلى قوله : « وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ » إلى قوله : « لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ » عن الحسن ، وعلى قول ابن عباس وقتادة إلا أربع آيات منها نزلت بالمدينة « قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً » إلى قوله : « لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ » وعلى التقادير الآيات المذكورة مكية.
والاستشهاد بالآية لأن الدين المشترك بين جميع الأنبياء هي الأصول الدينية التي لا تختلف باختلاف الشرائع ، مع أن قوله سبحانه : « كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ » يشعر بأن عمدة الدين في ذلك الوقت كانت التوحيد ونفي الشرك مع
__________________
(١) سورة نوح : ٣.