بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ » (١) فبعث الأنبياء إلى قومهم بشهادة أن لا إله إلا الله والإقرار بما جاء [ به ] من عند الله فمن آمن مخلصا ومات على ذلك أدخله الله الجنة بذلك وذلك « أَنَّ اللهَ
______________________________________________________
الإقرار بالنبوة لقوله تعالى : « اللهُ يَجْتَبِي ».
قال الطبرسي رحمهالله : « شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً » ، أي بين لكم ونهج وأوضح من الدين والتوحيد والبراءة من الشرك ما وصى به نوحا" « وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ » " أي وهو الذي أوحينا إليك يا محمد وهو ما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى ، ثم بين ذلك بقوله : « أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ » وإقامة الدين التمسك به والعمل بموجبه والدوام عليه والدعاء إليه « وَلا تَتَفَرَّقُوا » أي لا تختلفوا « فِيهِ » وائتلفوا فيه واتفقوا وكونوا عباد الله إخوانا" « كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ » " من توحيد الله والإخلاص له ، ورفض الأوثان وترك دين الآباء لأنهم قالوا أجعل الآلهة إلها واحدا ، وقيل : معناه ثقل عليهم وعظم اختيارنا لك بما تدعوهم إليه وتخصيصك بالوحي والنبوة دونهم « اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ » أي ليس لهم الاختيار لأن الله يصطفي لرسالته من يشاء على حسب ما يعلم من قيامه باعتبار الرسالة وقيل : معناه : الله يصطفي من عباده لدينه من يشاء « وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ » أي ويرشد إلى دينه من يقبل إلى طاعته أو يهدي إلى جنته وثوابه من يرجع إليه بالنية والإخلاص.
قوله عليهالسلام : فمن آمن مخلصا ، أي بقلبه ولسانه دون لسانه فقط ولم يخلطه بشرك « وذلك أن الله » كأنه إشارة إلى إدخاله الجنة بمجرد الشهادة والإقرار وإن لم يعمل من الطاعات شيئا ولم يترك سائر المحرمات لأنه كان بذلك مؤمنا في ذلك الزمان ، وإدخال المؤمن النار ظلم « وذلك أن الله » المشار إليه بذلك إما عدم تعذيب
__________________
(١) سورة الشورى : ١٣.