وسنة وقال الله لمحمد صلىاللهعليهوآله : « إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ » (١) ـ وأمر كل نبي بالأخذ بالسبيل والسنة وكان من السنة والسبيل التي أمر
______________________________________________________
جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً » قال البيضاوي : شرعة شريعة وهي الطريقة إلى الماء ، شبه بها الدين لأنه طريق إلى ما هو سبب الحياة الأبدية وقرأ بفتح الشين « وَمِنْهاجاً » وطريقا واضحا في الدين من نهج الأمر إذا وضح ، واستدل به على أنا غير متعبدين بالشرائع المتقدمة ، انتهى.
وقال الراغب : الشرع نهج الطريق الواضح ، يقال : شرعت له طريقا والشرع مصدر ، ثم جعل اسما للطريق النهج فقيل له شرع وشرعة وشريعة وأستعير ذلك للطريقة الإلهية من الدين قال تعالى : « لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً » فذلك إشارة إلى أمرين أحدهما : ما سخر تعالى عليه كل إنسان من طريق يتحراه مما يعود إلى مصالح عباده وعمارة بلاده وذلك المشار إليه بقوله : « وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا ».
الثاني : ما قيض له من الدين وأمره به ليتحراه اختيارا مما يختلف فيه الشرائع ويعترضه النسخ ، ودل عليه قوله : « ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها » (٢) قال ابن عباس : الشرعة ما ورد به القرآن والمنهاج ما ورد به السنة وقوله : شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا ، الآية ، فإشارة إلى الأصول التي تتساوى فيها الملل ولا يصح عليها النسخ كمعرفة الله ونحو ذلك من نحو ما دل عليه قوله : ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
قال بعضهم : سميت الشريعة تشبيها بشريعة الماء من حيث أن من شرع فيها على الحقيقة روي وتطهر قال : وأعني بالري ما قال بعض الحكماء : كنت أشرب فلا أروى ، فلما عرفت الله رويت بلا شرب ، وبالتطهير ما قال تعالى : « إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ
__________________
(١) سورة النساء : ١٦٣.
(٢) سورة الجاثية : ١٨.