قانعا بما رزقه الله ، لا يظلم الأعداء ولا يتحامل للأصدقاء بدنه منه في تعب والناس منه في راحة إن العلم خليل المؤمن والحلم وزيره والعقل أمير جنوده والرفق
______________________________________________________
بالنعمة ظاهرا وباطنا ، ومعرفة المنعم وصرفها فيما أمر به ، والشكر مبالغة فيه « قانعا بما رزقه الله » أي لا يبعثه الحرص على طلب الحرام والشبهة ، وتضييع العمر في جمع ما لا يحتاج إليه « لا يظلم الأعداء » الغرض نفي الظلم مطلقا ، وإنما خص الأعداء بالذكر لأنهم مورد الظلم غالبا ، ولأنه يستلزم ترك ظلم غيرهم بالطريق الأولى.
« ولا يتحامل للأصدقاء » في القاموس : تحامل في الأمر وبه تكلفه على مشقة وعليه كلفه ما لا يطيق ، فالكلام يحتمل وجوها :
الأول : أنه لا يظلم الناس لأجل الأصدقاء.
الثاني : أنه لا يتحمل الوزر لأجلهم كان يشهد لهم بالزور أو يكتم الشهادة لرعايتهم أو يسعى لهم في حرام.
الثالث : أن يراد به أنه لا يحمل على نفسه للأصدقاء ما لا يمكنه الخروج عنه.
« بدنه منه في تعب » لاشتغاله وإعراضه عن الرسوم والعادات ، وسعيه في إعانة المؤمنين « والناس منه في راحة » لعدم تعرضه وإعانته إياهم « إن العلم خليل المؤمن » الخلقة الصداقة والمحبة التي تخللت القلب ، فصارت خلاله أي في باطنه ، والخليل الصديق ، فعيل بمعنى فاعل ، وإنما كان العلم خليل المؤمن لأنه لا ينتفع بخليل انتفاعه بالعلم في الدنيا والآخرة.
« والحلم وزيره » فإنه يعاونه في أمور دنياه وآخرته ، كمعاونة الوزير الناصح الملك « والعقل أمير جنوده » إذ جنوده في دفع وساوس الشياطين وصولاتهم الأعمال الصالحة ، والأخلاق الحسنة ، وكلها تابعة للعقل كما مر بيانه في باب جنود العقل « والرفق أخوه » أي اللين واللطف والمداراة مع الصديق والعدو ، وتمشية الأمور