لمن تدبر وفهما لمن تفطن ويقينا لمن عقل وبصيرة لمن عزم وآية لمن توسم وعبرة لمن اتعظ ونجاة لمن صدق وتؤدة لمن أصلح وزلفى لمن اقترب وثقة لمن توكل ورخاء لمن
______________________________________________________
عقلت الشيء عقلا كضربت أي تدبرته ، وعقل كعلم لغة فيه ويمكن أن يراد بمن عقل من كان من أهل العقل وهو قوة بها يكون التميز بين الحسن والقبيح ، وقيل : غريزة يتهيأ بها الإنسان لفهم الخطاب ، وفي النهج مكان الفقرتين : وفهما لمن عقل. « وبصيرة لمن عزم » وقال الراغب : يقال : لقوة القلب المدركة بصيرة وبصر ، ومنه : « أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ » (١) أي على معرفة وتحقق ، وقوله : تبصرة ، أي تبصيرا وتبيينا يقال : بصرته تبصيرا وتبصرة ، كما يقال : ذكرته تذكيرا وتذكرة ، وقال : العزم والعزيمة عقد القلب على إمضاء الأمر يقال : عزمت الأمر وعزمت عليه واعتزمت ، انتهى.
أي تبصرة لمن عزم على الطاعة كيف يؤديها أو في جميع الأمور ، فإن في الدين كيفية المخرج في جميع أمور الدين والدنيا ، وأيضا من كان ذا دين لا يعزم على أمر إلا على وجه البصيرة.
« وآية لمن توسم » أي الإسلام مشتمل على علامات لمن تفرس ونظر بنور العلم واليقين إشارة إلى قوله تعالى : « إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ » (٢) قال الراغب : الوسم التأثير والسمة الأثر ، قال تعالى : « سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ » (٣) وقال : « تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ » (٤) وقوله تعالى : « إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ » أي للمعتبرين العارفين المتفطنين وهذا التوسم هو الذي سماه قوم الذكاء ، وقوم الفطنة وقوم الفراسة ، وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : اتقوا فراسة المؤمن ، وقال : المؤمن ينظر بنور الله ، وتوسمت تعرفت السمة. « وعبرة لمن اتعظ » العبرة بالكسر ما يتعظ به الإنسان ويعتبره ليستدل به على غيره ، والاتعاظ قبول الوعظ « ونجاة لمن صدق » بالتشديد ويحتمل التخفيف كما ورد في الخبر من صدق نجا ، والأول هو المضبوط في نسخ النهج « وتؤدة »
__________________
(١) سورة يوسف : ١٠٨.
(٢) سورة الحجر : ٥٧.
(٣) سورة الفتح : ٢٩.
(٤) سورة البقرة : ٢٧٣.