فوض وسبقة لمن أحسن وخيرا لمن سارع وجنة لمن صبر ولباسا لمن اتقى وظهيرا
______________________________________________________
على الوجهين السابقين ، وفي بعض النسخ بالخاء المعجمة أي سعة عيش ، وفي النهج والكتابين وراحة وهو أظهر « وسبقة لمن أحسن » في القاموس سبقه يسبقه تقدم ، والفرس في الحلبة جلي والسبق محركة والسبقة بالضم الخطر يوضع بين أهل السباق ، وهما سبقان بالكسر أي يستبقان ، انتهى.
والظاهر هنا سبقة بالضم أي الإسلام متضمن بسبقة لمن أحسن المسابقة أو لمن أحسن إلى الناس فإنه من الأمور التي تحسن المسابقة فيه أو لمن أحسن صحبته أو لمن أتى بأمر حسن ، فيشمل جميع الطاعات ، ولا يبعد أن يكون إشارة إلى قوله تعالى : « وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ » (١) بأن يكون المعنى اتبعوهم في الإحسان « وخيرا لمن سارع » على الوجوه المتقدمة إشارة إلى قوله سبحانه في مواضع : « يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ » (٢).
« وجنة لمن صبر » الجنة بالضم الترس وكل ما وقى من سلاح وغيره فالإسلام يحث على الصبر وهو جنة لمخاوف الدنيا والآخرة ، وقيل : استعار لفظ الجنة للإسلام لأنه يحفظ من صبر على العمل بقواعده وأركانه من العقوبة الدنيوية والأخروية ، وقيل : جنة لمن صبر في المناظرة مع أعادي الدين.
« ولباسا لمن اتقى » كأنه إشارة إلى قوله تعالى : « وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ » (٣) بناء على أن المراد بلباس التقوى خشية الله أو الإيمان أو العمل الصالح ، أو الحياء الذي يكسب التقوى ، أو السمت الحسن ، وقد قيل كل ذلك ، أو اللباس الذي هو التقوى فإنه يستر الفضائح والقبائح ويذهبها ، لا لباس الحرب كالدرع والمغفر والآلات التي يتقي بها عن العدو كما قيل ، فالإسلام سبب للبس لباس الإيمان والتقوى والأعمال الصالحة والحياء وهيئة أهل الخير لمن اتقى وعمل بشرائعه.
__________________
(١) سورة التوبة : ١٠٠.
(٢) سورة آل عمران : ١١٤.
(٣) سورة الأعراف : ٢٦.