لمن رشد وكهفا لمن آمن وأمنة لمن أسلم ورجاء لمن صدق وغنى لمن قنع فذلك
______________________________________________________
« وظهيرا لمن رشد » أي معينا لمن اختار الرشد والصلاح ، في القاموس : رشد كنصر وفرح رشدا ورشدا ورشادا اهتدى ، والرشد الاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه ، وفي التحف : وتطهيرا لمن رشد ، « وكهفا لمن آمن » الكهف :
كالغار في الجبل والملجإ أي محل أمن من مخاوف الدنيا والعقبى لمن آمن بقلبه ، لا لمن أظهر بلسانه ونافق بقلبه ، « وأمنه لمن أسلم » الأمنة بالتحريك الأمن ، وقيل في الآية جمع كالكتبة ، والظاهر أن المراد بالإسلام هنا الانقياد التام لله ولرسوله ولأئمة المؤمنين ، فإن من كان كذلك فهو آمن في الدنيا والآخرة من مضارهما « ورجاء لمن صدق » أي الإسلام باعتبار اشتماله على الوعد بالمثوبات الأخروية والدرجات العالية سبب لرجاء من صدق به ، ويمكن أن يقرأ بالتخفيف ويؤيده أن في التحف وروحا للصادقين ، وفي بعض نسخ الكتاب أيضا روحا ، ومنهم من فسر الفقرتين بأن الإسلام أمنه في الدنيا لمن أسلم ظاهرا ، وروح في الآخرة لمن صدق باطنا.
أقول : وكأنه يؤيده قوله تعالى : « فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ » (١).
« وغنى لمن قنع » أي الإسلام لاشتماله على مدح القناعة وفوائدها فهو يصير سببا لرضا من قنع بالقليل وغناه عن الناس ، وقيل : لأن التمسك بقواعده يوجب وصول ذلك القدر إليه كما قال عز شأنه : « وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ » (٢) ويحتمل أن يراد به أن الإسلام باعتبار اشتماله على ما لا بد للإنسان منه من العلوم الحقة والمعارف الإلهية والأحكام الدينية يغني من قنع به عن الرجوع إلى العلوم الحكمية والقوانين الكلامية والاستحسانات
__________________
(١) سورة الواقعة : ٨٩.
(٢) سورة الطلاق : ٣.