وتكون في الولد ولا تكون في أبيه وتكون في العبد ولا تكون في الحر قيل وما
______________________________________________________
شدة المناسبة والخلطة والمعاشرة بينهما ، وكذا العكس ، ولا مدخل للشرافة النسبية في ذلك ولا الكرامة الدنيوية وبين عليهالسلام ذلك بقوله : وتكون في العبد ، « إلخ ».
فإن قيل : إذا كانت هذه الصفات من المواهب الربانية فلا اختيار للعباد فيها ، فلا يتصور التكليف بها والمذمة على تركها؟
قلت : يمكن أن يجاب عنه بوجهين : الأول : أن يكون المراد بالاستطاعة بسهولة التحصيل ، لا القدرة والاختيار ، وتكون العناية الإلهية سببا لسهولة الأمر لا التمكن منه ، الثاني : أن تكون الاستطاعة في المستحبات كإقراء الضيف وإطعام السائل والتذمم والحياء لا في الواجبات كصدق اللسان وأداء الأمانة.
قوله عليهالسلام : صدق البأس ، في بعض نسخ الكتاب ومجالس الشيخ وغيره بالياء المثناة التحتانية ، وفي بعضها بالباء الموحدة.
فعلى الأول المراد به اليأس عما في أيدي الناس وقصر النظر على فضله تعالى ولطفه ، والمراد بصدقه عدم كونه بمحض الدعوى من غير ظهور آثاره ، إذ قد يطلق الصدق في غير الكلام من أفعال الجوارح ، فيقال : صدق في القتال إذا وفي حقه وفعل على ما يجب وكما يجب ، وكذب في القتال إذا كان بخلاف ذلك ، وقد يطلق على مطلق الحسن نحو قوله تعالى : « مَقْعَدِ صِدْقٍ » (١) و « قَدَمَ صِدْقٍ » (٢).
وعلى الثاني المراد بالبأس أما الشجاعة والشدة في الحرب وغيره ، أي الشجاعة الحسنة الصادقة في الجهاد في سبيل الله ، وإظهار الحق والنهي عن المنكر ، أو من البؤس والفقر كما قيل : أريد بصدق البأس موافقة خشوع ظاهره وإخباته لخشوع باطنه وإخباته لا يرى التخشع في الظاهر أكثر مما في باطنه ، انتهى.
وهو بعيد عن اللفظ إذ الظاهر حينئذ البؤس بالضم وهو خلاف المضبوط من
__________________
(١) سورة القمر : ٥٥.
(٢) سورة يونس : ٢.