.................................................................................................
______________________________________________________
واحتجوا على فساد هذا القول بوجوه : « الأولى » : أنه قال من بني آدم ، من ظهورهم فقوله : من ظهورهم بدل من قوله : بني آدم ، فلم يذكر الله أنه أخذ من ظهر آدم شيئا.
الثانية : أنه لو كان كذلك لما قال : من ظهورهم ، ولا من ذرياتهم بل قال : من ظهره وذريته.
الثالثة : أنه تعالى حكى عن أولئك الذرية أنهم قالوا « إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ » ، وهذا الكلام لا يليق بأولاد آدم لأنه عليهالسلام ما كان مشركا.
الرابعة : أن أخذ الميثاق لا يمكن إلا من العاقل فلو أخذ الله الميثاق من أولئك لكانوا عقلاء ، ولو كانوا عقلاء وأعطوا ذلك الميثاق حال عقلهم لوجب أن يتذكروا في هذا الوقت أنهم أعطوا الميثاق قبل دخولهم في هذا العالم لأن الإنسان إذا وقعت له واقعة عظيمة مهيبة فإنه لا يجوز مع كونه عاقلا أن ينساها نسيانا كليا لا يتذكر منها شيئا لا بالقليل ولا بالكثير وبهذا الدليل يبطل القول بالتناسخ ، فإنا نقول لو كانت أرواحنا قد حصلت قبل هذه الأجساد في أجساد أخرى لوجب أن نتذكر الآن أنا كنا قبل هذا الجسد في أجساد أخرى ، وحيث لم نتذكر ذلك كان القول بالتناسخ باطلا ، فإذا كان اعتمادنا في إبطال التناسخ ليس إلا على هذا الدليل وهذا الدليل بعينه قائم في هذه المسألة وجب القول بمقتضاه.
الخامسة أن جميع الخلق الذين خلقهم الله من أولاد آدم عليهالسلام عدد عظيم وكثرة كثيرة فالمجموع الحاصل من تلك الذرات تبلغ مبلغا عظيما في الحجمية والمقدار ، وصلب آدم على صغره يبعد أن يتسع لهذا المجموع.
السادسة : أن البنية شرط لحصول الحياة والعقل والفهم ، إذ لو لم يكن كذلك لم يبعد في كل ذرة من الذرات الهباء أن تكون عاقلا فاهما مصنفا للتصانيف الكثيرة في العلوم الدقيقة ، وفتح هذا الباب يفضي إلى التزام الجهالات ، وإذا ثبت أن البنية شرط لحصول الحياة فكل واحد من تلك الذرات لا يمكن أن يكون فاهما عاقلا