.................................................................................................
______________________________________________________
إلا إذا حصلت له قدرة من البنية والجثة ، وإذا كان كذلك فمجموع تلك الأشخاص الذين خرجوا إلى الوجود من أول تخليق آدم عليهالسلام إلى آخر فناء الدنيا لا تحويهم عرصة الدنيا فكيف يمكن أن يقال إنهم بأسرهم حصلوا دفعة واحدة في صلب آدم عليهالسلام.
السابعة : قالوا هذا الميثاق إما أن يكون قد أخذ الله منهم في ذلك الوقت ليصير حجة عليهم في ذلك الوقت أو ليصير حجة عليهم عند دخولهم في دار الدنيا ، والأول باطل لانعقاد الإجماع على أن بسبب ذلك القدر من الميثاق لا يصيرون مستحقين للثواب والعقاب والمدح والذم ، ولا يجوز أن يكون المطلوب منه أن يصير ذلك حجة عليهم عند دخولهم في دار الدنيا ، لأنهم لما لم يذكروا ذلك الميثاق في الدنيا فكيف يصير حجة عليهم في التمسك بالإيمان.
الثامنة : قال الكعبي إن حال أولئك الذرية لا يكون أعلى في الفهم والعلم من حال الأطفال ، فلما لم يمكن توجيه التكليف على الطفل فكيف يمكن توجيهه على أولئك الذر؟ وأجاب الزجاج عنه وقال : لما لم يبعد أن يؤتي الله النمل كما قال : « قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ » (١) وأن يعطى الجبل الفهم حتى يسبح كما قال : « وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ » (٢) وكما أعطى الله العقل للبعير حتى سجد للرسول صلىاللهعليهوآله ، وللنخلة حتى سمعت وانقادت حين دعيت فكذا هنا.
التاسعة : أن أولئك الذر في ذلك الوقت إما أن يكونوا كاملي العقول والقدر أو ما كانوا كذلك ، فإن كان الأول كانوا مكلفين لا محالة ، وإنما يبقون مكلفين إذا عرفوا الله بالاستدلال ، ولو كانوا كذلك لما امتازت أحوالهم في ذلك الوقت عن أحوالهم في هذه الحياة الدنيا ، فلو افتقر التكليف في الدنيا إلى سبق ذلك الميثاق
__________________
(١) سورة النمل : ٢٧.
(٢) سورة الأنبياء : ٧٩.