.................................................................................................
______________________________________________________
وقال في النهاية : فيه : كل مولود يولد على الفطرة ، الفطر الابتداء والاختراع والفطرة منه الحالة كالجلسة والركبة ، والمعنى أنه يولد على نوع من الجبلة والطبع المتهيّئ لقبول الدين ، فلو ترك عليها لاستمر على لزومها ولم يفارقها إلى غيرها ، وإنما يعدل عنه من يعدل لآفة من آفات البشر والتقليد ، ثم تمثل بأولاد اليهود والنصارى في اتباعهم لآبائهم ، والميل إلى أديانهم من مقتضى الفطرة السليمة ، وقيل :
معناه كل مولود يولد على معرفة الله والإقرار به ، فلا تجد أحدا إلا وهو يقر بأن الله صانعه وإن سماه بغير اسمه أو عبد معه غيره ، ومنه حديث حذيفة : على غير فطرة محمد ، أراد دين الإسلام الذي هو منسوب إليه ، انتهى.
وقيل : الفطرة بالكسر مصدر للنوع من الإيجاد وهو إيجاد الإنسان على نوع مخصوص من الكمال وهو التوحيد ومعرفة الربوبية مأخوذا عليهم ميثاق العبودية والاستقامة على سنن العدل ، وقال بعض العامة : الفطرة ما سبق من سعادة أو شقاوة ، فمن علم الله سعادته ولد على فطرة الإسلام ، ومن علم شقاوته ولد على فطرة الكفر ، تعلق بقوله تعالى : « لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ » وبحديث الغلام الذي قتله الخضر عليهالسلام طبع يوم طبع كافرا فإنه يمنع من كون تولده على فطرة الإسلام ، وأجيب عن الأول بأن معنى لا تبديل : لا تغيير يعني لا يكون بعضهم على فطرة الكفر وبعضهم على فطرة الإسلام ، ويؤيده قوله صلىاللهعليهوآله كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه فإن المراد بهذه الفطرة فطرة الإسلام.
وعن الثاني بأن المراد بالطبع حالة ثانية طرأت وهي التهيؤ للكفر عن الفطرة التي ولد عليها.
وقال بعضهم : المراد بالفطرة كونه خلقا قابلا للهداية ومتهيئا لها لما أوجد فيه من القوة القابلة لها ، لأن فطرة الإسلام وصوابها موضوع في العقول ، وإنما يدفع العقول عن إدراكها تغيير الأبوين أو غيرهما.