.................................................................................................
______________________________________________________
فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ » (١).
وفي تفسير مولانا العسكري عليهالسلام أنه سئل مولانا الصادق عليهالسلام عن الله؟ فقال للسائل : يا أبا عبد الله هل ركبت سفينة قط؟ قال : بلى ، قال : فهل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك؟ قال : بلى ، فهل تعلق قلبك هناك أن شيئا من الأشياء قادر على أن يخلصك من ورطتك؟ قال : بلى ، قال الصادق عليهالسلام فذلك الشيء هو الله القادر على الإنجاء حين لا منجي ، وعلى الإغاثة حين لا مغيث.
ولهذا جعلت الناس معذورين في تركهم اكتساب المعرفة بالله عز وجل ، متروكين على ما فطروا عليه ، مرضيا عنهم بمجرد الإقرار بالقول ، ولم يكلفوا الاستدلالات العلمية في ذلك ، وإنما التعمق لزيادة البصيرة ولطائفة مخصوصة ، وأما الاستدلال فللرد على أهل الضلال.
ثم أن أفهام الناس وعقولهم متفاوتة في قبول مراتب العرفان وتحصيل الاطمئنان كما وكيفا ، شدة وضعفا ، سرعة وبطأ ، حالا وعلما ، وكشفا وعيانا ، وإن كان أصل المعرفة فطريا إما ضروري أو يهتدي إليه بأدنى تنبيه ، فلكل طريقة هداه الله عز وجل إليها إن كان من أهل الهداية ، والطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق ، وهم درجات عند الله ، يرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات.
قال بعض المنسوبين إلى العلم : اعلم أن أظهر الموجودات وأجلاها هو الله عز وجل ، فكان هذا يقتضي أن يكون معرفته أول المعارف وأسبقها إلى الأفهام وأسهلها على العقول ونرى الأمر بالضد من ذلك ، فلا بد من بيان السبب فيه ، وإنما قلنا : إن أظهر الموجودات وأجلاها هو الله تعالى لمعنى لا نفهمه إلا بمثال هو أنا إذا رأينا إنسانا يكتب أو يخيط مثلا كان كونه حيا من أظهر الموجودات فحياته وعلمه وقدرته للخياطة أجلى عندنا من سائر صفاته الظاهرة والباطنة ، إذ صفاته الباطنة
__________________
(١) سورة الأنعام : ٤١.