.................................................................................................
______________________________________________________
لا يغنيهم ، فهذا هو السبب في قصور الأفهام عن معرفة الله تعالى.
وانضم إليه أن المدركات كلها التي هي شاهدة على الله إنما يدركها الإنسان في الصبي عند فقد العقل قليلا قليلا وهو مستغرق الهم بشهواته ، وقد أنس بمدركاته ومحسوساته ألفها ، فسقط وقعها عن قلبه بطول الأنس.
ولذلك إذا رأى على سبيل الفجأة حيوانا غريبا أو فعلا من أفعال الله خارقا للعادة عجيبا انطلق لسانه بالمعرفة طبعا فقال : سبحان الله وهو يرى طول النهار نفسه وأعضاءه وسائر الحيوانات المألوفة وكلها شواهد قاطعة ولا يحس بشهادتها لطول الأنس بها ولو فرض أكمه بلغ عاقلا ثم انقشعت غشاوة عن عينه فامتد بصره إلى السماء والأرض والأشجار والنبات والحيوان دفعة واحدة على سبيل الفجأة يخاف على عقله أن ينبهر لعظم تعجبه من شهادة هذه العجائب على خالقها.
وهذا وأمثاله من الأسباب مع الانهماك في الشهوات وهي التي سدت على الخلق سبيل الاستضائة بأنوار المعرفة والسباحة في بحارها الواسعة ، والجليات إذا صارت مطلوبة صارت معتاضة فهذا سد الأمر ، فليتحقق ولذلك قيل :
لقد ظهرت فلا تخفى على أحد |
|
إلا على أكمه لا يعرف القمرا |
لكن بطنت بما أظهرت محتجبا |
|
وكيف يعرف من بالعرف استترا |
أقول : وفي كلام سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين على جده وأبيه وأمه وأخيه وعليه وبنيه سلام الله ، ما يرشدك إلى هذا العيان ، بل يغنيك عن هذا البيان حيث قال في دعاء عرفة : كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك ، متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ، ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك ، عميت عين لا تراك ولا تزال عليها رقيبا ، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا.
وقال أيضا : تعرفت لكل شيء ، فما جهلك شيء.