ليس يعني أكثر عملا ولكن أصوبكم عملا وإنما الإصابة خشية الله والنية الصادقة
______________________________________________________
وعلى الثاني ظاهر لتقدمه.
« لِيَبْلُوَكُمْ » أي ليعاملكم معاملة المختبر « أَيُّكُمْ » مفعول ثان لفعل البلوى باعتبار تضمينه معنى العلم ، ووجه التعليل أن الموت داع إلى حسن العمل لكمال الاحتياج إليه بعده ، وموجب لعدم الوثوق بالدنيا ولذاتها الفانية ، والحياة نعمة تقتضي الشكر ويقتدر بها على الأعمال الصالحة ، وإن أريد به العدم الأصلي فالمعنى أنه نقلكم منه وألبسكم لباس الحياة لذلك الاختبار ، ولما كان اتصافنا بحسن العمل يتحقق بكثرة العمل تارة وبإصابته وشدة رعاية شرائطه أخرى نفي الأول ، بقوله : ليس يعني أكثركم عملا ، لأن مجرد العمل من غير خلوصه وجودته ليس أمرا يعتد به ، بل هو تضييع للعمر وأثبت الثاني بقوله : ولكن أصوبكم عملا ، لأن صواب العمل وجودته وخلوصه من الشوائب يوجب القرب منه تعالى ، وله درجات متفاوتة يتفاوت القرب بحسبها.
واسم ليس في قوله : « ليس يعني » ضمير عائد إلى الله عز وجل أو ضمير شأن ، وجملة يعني خبرها ، ثم بين الإصابة وحصرها في أمرين بقوله : إنما الإصابة خشية الله والنية الصادقة ، وذكر الخشية ثانيا لعله من الرواة أو النساخ ، وليست في بعض النسخ ولو سحت يكون معناه خشية أن لا يقبل كما سيأتي في الخبر ، وهو غير خشية الله ، أو يقال : النية الصادقة مبتدأ والخشية معطوف عليه ، والخبر محذوف أي مقرونتان ، أو الخشية منصوب ليكون مفعولا معه.
فيكون الحاصل أن مدار الإصابة على الخشية وتلزمها النية الصادقة ، وفي بعض النسخ والحسنة أي كونه موافقا لأمره تعالى ، ولا يكون فيه بدعة ، وفي أسرار الصلاة للشهيد الثاني (ره) : والنية الصادقة الحسنة وهو أصوب.
والحاصل أن العمدة في قبول العمل بعد رعاية أجزاء العبادة وشرائطها المختصة النية الخالصة والاجتناب عن المعاصي كما قال تعالى : " « فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ