والحسنة ثم قال الإبقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل والعمل الخالص
______________________________________________________
فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً » (١) " وقال سبحانه : « إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ » (٢).
قال الشيخ البهائي قدسسره : المراد بالنية الصادقة انبعاث القلب نحو الطاعة غير ملحوظ فيه شيء سوى وجه الله سبحانه ، لا كمن يعتق عبد مثلا ملاحظا مع القربة الخلاص من مؤنته أو سوء خلقه أو يتصدق بحضور الناس لغرض الصواب والثناء معا بحيث لو كان منفردا لم يبعثه مجرد الثواب على الصدقة وإن كان يعلم من نفسه أنه لو لا الرغبة في الثواب لم يبعثه مجرد الرياء على الإعطاء ، ولا كمن له ورد في الصلوات وعادة في الصدقات واتفق أن حضر في وقتها جماعة فصار الفعل أخف عليه وحصل له نشاط ما بسبب مشاهدتهم ، وإن كان يعلم من نفسه أنهم لو لم يحضروا لم يكن يترك العمل أو يفتر عنه البتة ، فأمثال هذه الأمور مما يخل بصدق النية وبالجملة فكل عمل قصدت به القربة وانضاف إليه حظ من حظوظ الدنيا بحيث تركب الباعث عليه من ديني ونفسي ، فنيتك فيه غير صادقة سواء كان الباعث الديني أقوى من الباعث النفسي أو أضعف أو مساويا.
قال في مجمع البيان : « لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً » أي ليعاملكم معاملة المختبر بالأمر والنهي فيجازى كل عامل بقدر عمله ، وقيل : ليبلوكم أيكم أكثر للموت ذكرا وأحسن له استعدادا وأحسن صبرا على موته وموت غيره ، وأيكم أكثر امتثالا للأوامر واجتنابا عن النواهي في حال حياته قال أبو قتادة : سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن قوله تعالى : « أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً » ما عنى به؟ فقال : يقول أيكم أحسن عقلا ، ثم قال تعالى : أتمكم عقلا وأشدكم لله خوفا وأحسنكم فيما أمر الله به ونهى عنه نظرا ، وإن كان أقلكم تطوعا ، وعن ابن عمر عن النبي صلىاللهعليهوآله : أنه تلا قوله : « تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » إلى قوله : « أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً »
__________________
(١) سورة النحل : ١١٠.
(٢) سورة المائدة : ٢٧.