الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز وجل والنية أفضل من العمل ألا
______________________________________________________
ثم قال : أيكم أحسن عقلا وأورع عن محارم الله وأسرع في طاعة الله ، وعن الحسن : أيكم ازهد في الدنيا وأترك لها ، انتهى.
وفي القاموس : الصواب ضد الخطإ كالإصابة ، وقال : الإصابة الإتيان بالصواب وإرادته ، والبقاء على العمل محافظته والإشفاق عليه وحفظه عن الفساد ، قال الجوهري أبقيت على فلان إذا دعيت عليه ، يقال : لا أبقى الله عليك إن أبقيت علي والاسم البقيا ، انتهى.
والحاصل أن رعاية العمل وحفظه عند الشروع وبعده إلى الفراغ منه ، وبعد الفراغ إلى الخروج من الدنيا حتى يخلص عن الشوائب الموجبة لنقصه أو فساده أشد من العمل نفسه كما سيأتي في باب الرياء عن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال : الإبقاء على العمل أشد من العمل ، قال : وما الإبقاء على العمل؟ قال : يصل الرجل بصلة وينفق نفقة لله وحده لا شريك له ، فيكتب له سرا ثم يذكرها فتمحى وتكتب له علانية ثم يذكرها فتمحى وتكتب له رياء ، ومن عرف معنى النية وخلوصها علم أن إخلاص النية أشد من جميع الأعمال كما سيأتي تحقيقه إنشاء الله.
ثم بين عليهالسلام معنى العمل الخالص بأنه هو العمل الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز وجل ، لا عند الفعل ولا بعده أي يكون خالصا عن أنواع الرياء والسمعة.
وقد يقال : لو كان سروره باعتبار أن الله تعالى قبل عمله حيث أظهر جميلة كما روي في الحديث القدسي عملك الصالح عليك سره وعلي إظهاره ، أو باعتبار أنه استدل بإظهار جميلة في الدنيا على إظهار جميلة في الآخرة ، أو باعتبار رغبتهم إلى طاعة الله وميل قلوبهم إليها لم يقدح ذلك في الخلوص ، وإنما يقدح فيه إن كان لرفع منزلته عند الناس وتعظيمهم له واستجلاب الفوائد منهم فإنه بذلك يصير مرائيا مشركا بالشرك الخفي وبه يحبط عمله ، وهذا الكلام له جهة صدق لكن قلما تصدق النفس في ذلك ،