سَاكِنٍ بَعْدَهُ فَالْكَسْرُ أَوْ مَعَ هَاءِ الْمُؤَنّثِ فَالْفَتْحُ نَحْوُ رُدَّهَا.
وإِذَا أَمَرْتَ مِنْ بَابِ مَلَّ يَمَلُّ تَعَيَّنَتْ لُغَةُ الْحِجَازِ فيقال امْلَلْه قَالُوا وَلَا يَجُوزُ الْإِدْغَامُ عَلَى لُغَةِ نَجْدٍ فَلَا يُقَالُ مَلَّهُ لالْتِبَاسِ الْأَمْرِ بِالْمَاضِى وحُمِلَ النَّهْىُ عَلَى الْأَمْرِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَرُبَّمَا جَازَ ذلِكَ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى صُوَرةِ الْمَاضِى لِأَنَّ الْأَلِفَ إِنَّمَا تُجْتَلَبُ لِأَجْلِ السَّاكِنِ وَلَا سَاكِنَ فَإِنَّ الْفَاءَ مُحَرَّكَةٌ فِى الْمُضَارِعِ والْأمْرُ مُقْتَطَعٌ مِنْهُ فَلَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ إِلَى الْأَلِفِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ المَشْهُورِ أَنَّ الْإِظْهَارَ هُوَ الْأَصْلُ والْإِدْغَامَ عَارِضٌ وَالْأَصْلُ لَا يُعْتَدُّ بِالْعَارِضِ فَعِنْدَ اللّبْسِ يُرْجَعُ إِلَى الْأَصْلِ.
وَإِذَا أَمَرْتَ مِنْ مَزِيدٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَالْأَكْثَرُ الْإِدْغَامُ والْفَتْحُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَيَجُوزُ فَكُّ الْإِدْغَامِ وَالْإِسْكَانُ نَحْوُ أَسِرَّ الْحَدِيثَ و أسْرِرِ الحَدِيثَ والنَّهْىُ كَالْأَمْر.
( فصل ) : الثُّلَاثِىُّ اللَّازِمُ قَدْ يَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ أَوِ التَّضْعِيفِ أَوْ حَرْفِ الجَرِّ بِحَسَبِ السَّمَاعِ وَقَدْ يَجُوزُ دُخُولُ الثَّلَاثَةِ عَلَيْهِ نَحْوُ نَزَلَ ونَزَلْتُ بِهِ وَأَنْزَلتُهُ ونَزَّلتُهُ.
وَمِنْهُ ما يُسْتَعْمَلُ لَازِماً وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَدَّى بنَفْسِهِ نَحْوُ جَاءَ زَيْدٌ و جِئْتُهُ و نَقَصَ الماءُ و نَقَصْتُهُ و وَقَفَ و وَقَفْتُهُ و زَادَ و زِدْتُه وَعِبَارَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ فِيهِ. ( بَابُ فَعَلَ الشىءُ وفَعَلْتُهُ ) وَعِبَارَةُ الْمُتَأَخِّرِينَ ( يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى ) و ( يُسْتَعْمَلُ لَازِماً ومُتَعَدِّياً ).
وَقَدْ جَاءَ قِسْمٌ تعدَّى ثُلاثيُّه وقَصُرَ رُبَاعِيُّه عَكْسُ الْمُتَعَارَفِ نَحْوُ أَجْفَلَ الطائرُ و جَفَلْتُهُ و أَقْشَعَ الغَيْمُ و قَشَعَتْهُ الرِّيحُ و أَنْسَلَ ريشُ الطَّائِرِ أَىْ سَقَط ونَسَلْتُهُ و أَمْرَتِ النَّاقَةُ دَرَّ لَبَنُهَا وَمَرَيْتُهَا و أَظْأَرتِ النَّاقَةُ إِذَا عَطَفَتْ عَلَى بَوِّها و ظَأَرْتُهَا ظَأْراً عَطَفْتُهَا وَأَعْرَضَ الشَّىءُ إِذا ظَهَر و عَرَضْتُهُ أَظْهَرْتُهُ وأنْقَعَ العَطَشُ سَكَنَ و نَقَعَهُ الْمَاءُ سَكَّنَهُ و أَخَاضَ النَّهْرُ و خُضْتُهُ وأَحْجَمَ زَيْدٌ عَنِ الْأَمْرِ وَقَفَ عَنْهُ وحَجَمْتُهُ وَأَكَبَ عَلَى وَجْهِهِ و كَبَبْتُهُ و أَصْرَمَ النَّخْلُ والزَّرْعُ و صَرَمْتُهُ أَىْ قَطَعْتُهُ و أَمْخَضَ اللبَنُ و مَخَضْتُهُ و أَثْلَثُوا إِذَا صَارُوا بِأَنْفُسِهِمْ ثَلَاثَةً وَثَلَثْتُهُمْ صِرتُ ثَالِثَهُمْ وَكَذلِكَ إلَى العَشَرَةِ و أَبْشَرَ الرَّجُلُ بِمَوْلُودٍ سُرَّ بِهِ و بَشَرْتُهُ.
وَاسْمُ الْفَاعِلِ مِنَ الثُّلَاثِىِّ والرُّبَاعِىِّ عَلَى قِيَاس الْبَابَيْنِ وَرِيشٌ مَنْسُولٌ مِنَ الثُّلَاثِىِّ و مُنْسِلٌ اسْمٌ فَاعِلٍ مِنَ الرُّبَاعِىِّ أَىْ مُنْقَلِعٌ.
وأَفْهَمَ كَلَامُ بَعْضِهِمْ أَنَّ ذلِكَ عَلَى مَعْنَيَيْنِ فَقَوْلُهُمْ أَنْسَلَ الرِّيشُ و أَخَاضَ النَّهْرُ ونَحْوُهُ مَعْنَاهُ حَانَ لَهُ أَنْ يَكُونَ كَذلِكَ فَلَا يَكُونُ مِثْلَ قَامَ زَيْدٌ وأَقَمْتُه وَقَدْ نَصُّوا فِى مَوَاضعَ عَلَى مَعْنَى ذلِكَ.
وَمِثَالُ التَّعْدِيَةِ بالتَّضْعِيفِ وَالْهَمْزَةِ والْحَرْفِ مَشَى و مَشَيْتُ بِهِ وسَمِن و سَمَّنْتُه وقَعَدَ و أقْعَدْتُهُ.
وحَقِيقَةُ التَّعْديَةِ أَنَّكَ تُصَيِّرُ الْمَفْعُولَ الَّذِى كَانَ فَاعِلاً قَابِلاً لِأَنْ يَفْعَل وَقَدْ يَفْعَلُ وَقَدْ لَا يفْعَلُ فَإِنْ فَعَل فَالْفِعْلُ لَهُ قَالَ أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِىُّ رَعَتِ الإبلُ لَا فِعْلَ لَكَ فِى هذَا وأطْعَمْتُهَا لا فِعْلَ لَهَا فِى هذَا وَوَجْهُ ذلِكَ أَنَّ الْفِعْلَ إِذَا أُسْنِدَ إِلَى فَاعِلِهِ الّذِى أَحْدَثَهُ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِ فَاعِلِهِ فِيهِ إِيجَادٌ فَلِهذَا قَالَ فِى الْمِثَالِ الْأَوَّلِ لَا فِعْلَ لَكَ فِى هذَا وإِذَا كَانَ الْفِعْلُ مُتَعدّياً فَهُوَ حَدَثُ الْفَاعِلِ دُونَ الْمَفْعُولِ فَلِهذَا قَالَ فِى الْمِثَالِ الثَّانى لَا فِعْلَ لَهَا فِى هذَا لأَنَّ الْفِعْلَ وَاقِعٌ بِهَا لَا مِنْهَا لِأَنَّهَا مَفْعُولَةٌ.
وَهذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ السَّرَّاجِ وَإِذَا قُلْتَ ضَرَبْتُ زَيْداً فَالْفِعْلُ لَكَ دُونَ زَيْدٍ وَإِنَّمَا أَحْلَلْتَ الضَّرْبَ وَهُوَ الْمَصْدَرُ بِهِ.
وأَمَّا نَحْوُ خَرَجْتُ بِزيْدٍ إِذَا جَعَلْتَ الْبَاءَ لِلْمُصَاحَبَةِ فَلَيْسَ مِنَ الْبَابِ وَالْفِعْلُ لَكُمَا.
( فَصْلٌ ) : الثُّلَاثِىُّ إِنْ كَانَ عَلَى فَعَلَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فالْمُضَارِعُ إِنْ سُمِعَ فِيهِ الضمُّ أَوِ الْكَسْرُ فَذَاكَ نَحْوُ يَقْعُدُ ويَقْتُلُ وَيَرْجِعُ ويَضْرِبُ وَقَدْ فَتَحُوا كثِيراً مِمَّا هُوَ حَلْقِىُّ العَيْنِ أَوِ اللَّام نَحْوُ يَسْعَى وَيَمْنَعُ وفَتحُوا مِمَّا هُوَ حَلْقِىُّ الْفَاءِ يَأْبىَ وَمَا ذُكَرِ مَعَهُ فِى بَابِهِ. وَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ فِى الْمُضَارِعِ بِنَاءٌ فَإِنْ شِئْتَ ضَمَمْتَ وَإِنْ شِئْتَ كَسَرْتَ إِلَّا الْحَلْقىَّ الْعَيْنِ أَوِ اللَّامِ فَالْفَتْحُ لِلتَّخْفِيفِ وإِلْحَاقا بِالْأَغَلْب.
وَإِنْ كانَ عَلَى فَعِلَ بِالْكَسْرِ فَالْمُضَارِعُ بِالْفَتْحِ نَحْوُ يَعْلَمُ ويَشْرَبُ.
وشَذَّ مِنْ ذلِكَ أَفْعَالٌ فَجَاءَتْ بِالْفَتْحِ عَلَى القِيَاسِ وَبِالْكَسْرِ شُذُوذاً وَهِىَ يحْسِبُ ويَيْبِسُ ويَيْئِسُ ويَنْعِمُ وَشَذَّ أَيْضاً أَفْعَالٌ مُعْتَلَّةٌ سَلِمَت مِنَ الْحَذفِ فَجَاءَتْ بالْوَجْهَينِ الْفَتْحُ عَلَى الْقِيَاسِ والْكَسْرُ فِى لُغَةِ عُقَيْلٍ وَهِىَ يَوْغَرُ صَدْرُه إِذَا امْتَلَأَ غَيْظاً وَوَلِه يَوْلَهُ ويَوْلِهُ وولِغَ يَوْلَغُ ويَوْلِغ وَوَجِلَ يَوْجَلُ وَيَوْجِلُ وَوَهِلَ يَوْهَلُ ويَوْهِلُ وشَذَّ مِنَ الْمُعْتَلِّ أَيْضاً أَفْعَالٌ حُذِفَتْ فَاءَاتُهَا فَجَاءَتْ بِالْكَسْرِ وَهِىَ وَمِقَ يَمِقُ ووَفِقَ أَمْرُهُ يَفِقُ ووَهِنَ يَهِنُ أَىْ ضَعُفَ فِى لُغَةٍ وَوثِقَ يَثِقُ ووَرِعَ يَرِعُ ووَرِمَ يَرِمُ ووَرِثَ يَرِثُ و وَرِيَ الزَّنْد يَرِى فِى لُغَةٍ ووَلِىَ يَلِى و وَعِمَ يَعِمُ بِمَعْنَى نَعِمَ و وَرِيَ المُخُ يَرِى إِذَا اكْتَنَزَ.
وَإِنْ كَانَ عَلَى فَعُلَ بِضَمِّ الْعَيْنِ فَهُوَ لَازِمٌ ولَا يَكُونُ مُضَارِعُهُ إِلَّا مَضْمُوماً وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِى الْغَرَائِزِ مِثْلُ شَرُفَ يَشْرُفُ وسَفُه يَسْفُه فَإِنْ ضُمِّنَ مَعْنَى التَّعدِّى كُسِرَ وَقِيلَ سَفِهَ زَيدٌ رَأْيَهُ وَالْأَصْلُ سَفِهَ رَأْىُ زَيْدٍ لكِنْ لَمَّا أُسْنِدَ الْفِعْلُ إِلَى الشَّخْصِ نَصَبَ مَا كَانَ فَاعِلاً وَمِثْلُهُ ضِقْتُ بِهِ ذَرْعاً و رَشِدْتَ أمْرَكَ والْأَصْل ضَاقَ بِهِ ذَرْعُهُ ورَشِدَ أَمْرُهُ وَنَصْبُهُ قِيلَ عَلَى التَّمْيِيزِ لِأَنَّهُ مَعْرِفَةٌ فِى مَعْنَى النَّكَرِةِ وَقِيلَ عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْمَفْعُولِ وَقِيلَ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَالْأَصْلُ رَشِدْتَ فِى أَمْرِكَ لِأَنَّ