و ( ثَنَيْتُهُ ) عن مُرَادِهِ إذَا صَرَفْتُهُ عَنْهُ وعَلَى هَذَا ( فَالاسْتِثْنَاءُ ) صَرْفُ العَامِل عَنْ تَنَاوُلِ المُسْتثْنَى ويَكُونُ حقِيقَةً فِي المتَّصِلِ وفِي الْمُنْفَصِلِ أَيْضاً لأَنَّ إلَّا هِيَ الَّتِي عدَّتِ الفِعْلَ إلَى الاسْم حَتَّى نَصَبَهُ فَكَانَتْ بمَنْزلَةِ الهَمْزَةِ في التَّعْدِيةِ والهمْزَةُ تُعَدِّى الفِعْلَ إلَى الجِنْسِ وغَيْرِ الجِنْسِ حَقِيقَةً وِفَاقاً فَكَذلِكَ ما هُوَ بِمَنْزِلَتِهَا و ( ثَنَيْتُهُ ) ( ثَنْياً ) مِنْ بَابِ رَمَى أيضاً صِرْتُ مَعَهُ ثَانِياً و ( ثَنَّيْتُ ) الشَّيءَ بالتَّثْقِيل جَعَلْتُهُ اثنَيْنِ و ( أَثْنَيْتُ ) عَلَى زَيْدٍ بالألِفِ والاسْمُ ( الثَّنَاءُ ) بالفَتْحِ والْمَدِّ يقال ( أَثْنَيْتُ ) عَلَيْهِ خَيْراً وبِخَيْرٍ و ( أَثْنَيْتُ ) عَلَيْهِ شَرًّا وبِشَرٍّ لأَنَّهُ بِمَعْنَى وَصَفْتُهُ هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ منْهُم صَاحِبُ الْمُحْكَمِ وكذَلك صَاحِبُ البَارعِ وعَزَاهُ إِلَى الْخَلِيلِ ومنْهمْ محمدُ بنُ القُوطِيَّةِ وهُوَ الْحَبْرُ الَّذِي لَيْسَ في مَنْقُولِهِ غَمْزٌ والبَحْرُ الذِي ليسَ في مَنْقُودِهِ لَمْزٌ وكأن الشاعَر عَنَاهُ بقَوْلِه :
إذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوها |
|
فإنَّ القَوْلَ مَا قَالَتْ حَذَامِ |
وقَدْ قِيلَ فِيهِ هُوَ العَالِمُ النِّحْرِيرُ ذُو الإِتْقَانِ والتَّحْرِيرِ والحُجَّةُ لِمَنْ بَعْدَهُ والبُرْهَانُ الِذي يُوقَفُ عِنْدَه وتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ عُرِفَ بالعَدَالَةِ واشْتَهَر بالضَّبْطِ وصِحَّةِ الْمَقَالَةِ وهُوَ السَّرَقُسْطِىُّ وابنُ القَطَّاعِ واقْتَصَرَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَوْلِهِمْ ( أَثْنَيْتُ ) عَلَيْهِ بِخَيْرٍ ولَمْ يَنْفُوا غَيْرَهُ ومِنْ هذَا اجْتَرأَ بَعْضهُمْ فَقَالَ لا يُسْتَعْمَلُ إلَّا في الْحَسَنِ وفِيهِ نَظَرٌ لأَنَّ تَخْصِيصَ الشَّيء بالذِّكْرِ لا يَدُلُّ عَلَى نَفْيهِ عَمَّا عَدَاهُ والزِّيَادَةُ من الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ ولَوْ كَانَ ( الثَّنَاءُ ) لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا في الْخَيرِ كَانَ قَوْلُ القَائِلِ ( أَثْنَيْتُ ) عَلَى زَيْدٍ كَافِياً فِي الْمَدْحِ وكَانَ قَوْلُهُ و ( لَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ ) لا يُفِيدُ إلَّا التأكِيدَ والتَّأْسِيسُ أَوْلَى فَكَانَ في قَوْلِهِ الْحَسَنُ احترازٌ عَنْ غَيرِ الْحَسَنِ فإنهُ يُسْتَعْمَلُ في النَّوْعَيْنِ كَمَا قَالَ : ( والْخَيْرُ في يَدَيْكَ والشَّرُّ لَيْسَ إلَيْكَ ). وَفِي الصَّحِيحَيْنِ « مَرُّوا بجنَازَةٍ فأَثنَوْا عَلَيْهَا خيراً فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة والسَّلَامُ وجَبَتْ ثُمَّ مَرُّوا بأُخْرَى فَأثنَوْا عَلَيْها شَرًّا فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ وَجَبَتْ وسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ وَجَبَتْ فَقَالَ هذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْراً فَوَجَبَتْ لهُ الْجَنَّةُ وهذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ ». الحديث وقَدْ نُقِلَ النَّوْعانِ فِي وَاقِعَتَيْنِ تَرَاخَتْ إحْدَاهُمَا عَنِ الأُخْرَى مِن العَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ العَدْل الضَّابِطِ عَنِ الْعَرَبِ الفُصَحَاءِ عَنْ أَفْصَحِ الْعَرَبِ فَكَان أَوْثَقَ من نَقْلِ أَهْل اللُّغَةِ فإنَّهمْ قَدْ يَكْتَفُونَ بالنَّقْلِ عَنْ وَاحِدٍ وَلَا يُعْرَفُ حَالُه فإنَّهُ قَدْ يَعْرِض لهُ مَا يُخْرجُهُ عَنْ حَيِّزِ الاعْتِدَال مِنْ دَهَشٍ وسُكْرٍ وغيرِ ذلكَ فإِذَا عُرِفَ حَالُهُ لَمْ يُحْتَجَّ بِقَوْلِهِ ويَرْجعُ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الشَّرِ إِلَى النَّفْيِ وكَأَنَّهُ قَالَ لَمْ يُسْمَعْ فَلَا يُقَالُ والإثباتُ أَوْلى ولله دَرُّ مَنْ قَال : وإِنَّ الحَقَّ سُلْطَانٌ مُطَاعٌ ومَا لِخِلَافِهِ أَبداً سَبِيلٌ. وقَالَ بَعْض المَتأَخرِينَ إِنَّمَا اسْتُعْمِلَ في الشَرِّ فِي الحَدِيثِ لِلِازْدِوَاج وهذَا كَلَامُ مَنْ لا يَعْرِفُ اصْطِلَاحَ أهْلِ العِلْمِ بهذِهِ اللَّفْظَةِ.
و ( الثِّنَاءُ ) للدَّارِ كَالْفِنَاءِ وَزْناً ومَعْنًى و ( الثِّنَى ) بالكَسْرِ والقَصْرِ الأَمْرُ يعَادُ مَرَّتَيْنِ و ( الاثْنَان ) مِنْ أَسْماءِ العَدَدِ اسْمٌ ( للِتَّثْنِيَة ) حُذِفَتْ لَامُهُ وهِيَ يَاءٌ وتَقْدِيرُ الوَاحِدِ ثَنَيٌ وِزَانُ سَبَبٍ ثُمَّ عُوِّضَ هَمْزَةَ وَصْلٍ فقِيلَ ( اثْنَانِ ) ولِلْمُؤَنَّثةِ ( اثْنَتَانِ ) كَمَا قِيلَ ابْنَانِ وابْنَتَانِ وفِي لُغَةِ تَمِيمٍ ( ثِنْتانِ ) بِغَيْرِ هَمْزةِ وَصْلٍ ولا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لفْظِهِ والتَّاءُ فِيهِ للتأْنِيثِ ثُمَّ سُمِّىَ الْيوْمُ بِهِ فقِيلَ ( يَوْمُ الاثْنَينِ ) ولَا يثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ فإنْ أَرَدْتَ جَمْعَهُ قَدَّرْتَ أَنَّهُ مُفْرَدٌ وجَمَعْتَهُ ( عَلَى أَثَانِينَ ) وقَالَ أَبُو عَلىٍّ الفارِسِىُّ وَقَالُوا فِي جَمْعِ الاثْنَيْنِ ( أَثْنَاءٌ ) وكَأَنَّهُ جَمْعُ الْمُفْرَدِ تَقْدِيراً مِثْلُ سَبَبٍ وأَسْبَابٍ وقيلَ أَصْلُه ( ثِنْيٌ ) وِزَانُ حِمْلٍ ولهذَا يُقَالُ ( ثِنْتان ) والْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ اخْتلَافَ لُغَةٍ لا اخْتِلَافَ اصْطِلَاحٍ وإذَا عَادَ عَلَيْهِ ضَمِيرٌ جَازَ فِيه وَجْهَانِ أَوْضَحهُما الإفْرادُ عَلَى مَعْنَى اليَوْمِ يُقَالُ مَضَى يَوْمُ الاثْنَيْنِ بِمَا فِيهِ والثَّانِي اعْتِبَارُ اللَّفْظِ فيُقَالُ بِمَا فِيهما و ( أَثْنَاءُ ) الشَّيء تَضَاعِيفُهُ وجَاءُوا ( فِي أَثْنَاءِ الأَمْرِ ) أَيْ فِي خِلَالِهِ تَقْدِيرُ الواحِدِ ( ثَنًى ) أو ( ثِنْيٌ ) كَمَا تَقَدَّمَ.
[ث و ب] الثَّوْبُ : مُذَكَّرٌ وجَمْعُهُ ( أَثْوَابٌ ) و ( ثِيَابٌ ) وهي ما يَلْبَسُهُ النَّاسُ مِنْ كَتَّان وحَرِيرٍ وخَزٍّ وصوفٍ وفَرْوٍ ونحْوِ ذلك وأمَّا السُّتُورُ ونَحْوُهَا فَلَيْسَتْ بثِيابٍ بل أَمْتِعَةُ البَيْتِ و ( المَثَابَةُ ) و ( الثَّوَابُ ) الْجَزَاءُ و ( أَثَابَهُ ) الله تعَالَى فَعَلَ لهُ ذلكَ و ( ثَوْبَانُ ) مِثْلُ سَكْرَانَ مِنْ أَسْمَاءِ الرِّجَالِ و ( ثَابَ ) ( يَثُوبُ ) ( ثَوْباً وثُؤُوباً ) إِذَا رَجَعَ ومِنْهُ قِيلَ للمكَانِ الذِي يَرْجِعُ إليه الناسُ ( مَثَابَةٌ ) وقِيلَ للإنْسَانِ إذَا تَزوَّجَ ( ثَيِّبٌ ) وهُوَ فَيْعِلٌ اسمُ فَاعِلٍ مِنْ ثَابَ وإطْلَاقُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ أكْثَرُ لأَنَّهَا تَرْجعُ إِلَى أَهْلِهَا بِوَجْهٍ غير الأولِ ويَسْتَوِىِ في ( الثَّيِّبِ ) الذَّكَرُ والْأُنْثَى كَمَا يُقَالُ أيِّمٌ و ( بِكْرٌ ) للذَّكَرِ والْأُنْثَى وجمْعُ المذَكَّرِ ( ثَيِّبُونَ ) بالوَاوِ والنُّونِ وجَمْعُ المؤَنَّثِ ( ثَيِّبَاتٌ ) والمولَّدونُ يَقُولُون ( ثُيَّبٌ ) وهو غَيْرُ مَسْمُوعٍ وأَيْضاً فَفَيْعِلٌ لا يُجْمَعُ عَلَى فُعَّلٍ و ( ثَوَّبَ ) الداعي ( تَثْوِيباً ) رَدَّدَ صوتَهُ ومنهُ ( التَّثْوِيبُ ) في الأَذَانِ و ( تَثَاءَبَ ) بالْهَمْزِ ( تَثَاؤُباً ) وِزَانُ تَقَاتَلَ تَقَاتلاً قِيلَ هي فَتْرَةٌ تَعْتَرِي الشَّخْصَ فَيَفْتَحُ عِنْدَهَا فَمَهُ و ( تَثَاوَبَ ) بالوَاوِ عَامِّيٌّ.
[ث و ر] ثَارَ : الغُبَارُ ( يَثُورُ ) ( ثَوْراً ) و ( ثُؤُوراً ) على فُعُولٍ و ( ثَوَرَاناً ) هَاجَ ومِنْهُ قِيل لِلْفِتْنَةِ ( ثَارَتْ ) و ( أَثَارَهَا ) العَدُو.