فيه رضاه ، وأيّها فيه غضبه ـ جلّ وعلا ـ لذا رفع الله العلماء ( يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ).
وقال تعالى : ( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ) (١).
وعلى مدار التاريخ الإنساني وجدت طوائف كثيرة تعبّدت لله بطرق اخترعوها من تلقاء أنفسهم ، فضلّوا الصراط السوي ; لأنّ العالِم بحقائق الأمور ، والعالِم بما فيه مصلحة الإنسان وما فيه ضرره هو الله تعالى ، لذا انحصر طريق العبادة بما يعرّفنا به الله تعالى ، وكما ذكر من قبل بأنّ الحياة هنا حياة امتحان ، وأنّ الله تعالى ارتضى لنا طريق عبادته ، فكان من تمام رحمته ـ جلّ وعلا ـ أن يدلّنا على كيفيّة عبادته ، أيّ أن يعرّفنا ذلك ، فكان لابدّ من معرِّف ; لكي لانخطأ الطريق ، ولئلاّ يكون للناس على الله حجّة ، وهو ـ سبحانه ـ له الحجّة البالغة على الخلق أجمعين ; ولأنّ الله حكيم منزّه عن العبث سبحانه.
وهكذا كان ، فأبو البشر عليهالسلام هو أوّل معرِّف وجد في أوّل مجموعة بشريّة على وجه الأرض ، واحتفظت تلك المجموعة بإيمانها إلى أن تكاثروا فهجم التفكير المنحرف عليهم ، فأوردهم موارد شتّى كل اختار طريقاً ، وتيقّن أنّ النجاة في سلوكه ، فاقتضت رحمة الله تعالى
_____________________
(١) سورة الزمر : ٩.