فاتضح أنّ الإمام يجب أن يكون أكمل أهل زمانه ، وإلاّ انتقض الغرض ، وانتفت فائدة نصبه ، إذن عدم وجود الإمام معناه عمليّاً موت الرسالة وهلاك البشر ، وعدم كونه كاملاً يؤدّي إلىٰ نفس النتيجة ، فوجود الإمام الكامل هو المتعيّن.
إذن وجب أن يكون هناك معرِّف طالما هناك بشر سواء كان رسولاً أو إماماً.
قال صاحبي : هناك فرق بين الرسول والإمام ، فالرسول يأتي بكتاب فيه تبيان كلّ ما تحتاجه اُمّته ، فوجود الإمام زائد عن الحاجة ، فقبل الرسول لم يكن هناك كتاب يرجع إليه عند الاختلاف ، فألحّت الحاجة إلىٰ وجوده وقد أورث أمّته هذا الكتاب ، يرجعون إليه في قضاياهم ومنازعاتهم ، فقياس حاجة البشر إلى إمام بحاجتهم إلى رسول قياس مع الفارق.
قلت : إذا كان الكتاب كافياً في حسم النزاعات ، وتبيين الحقائق بلا مبيّن فما الذي حدث بعد وفاة أو استشهاد النبي ؟ ما الذي حدث في أمّته ؟ فقد وقع اختلاف صارخ في القضايا الأصليّة والمصيرية ، فضلاً عن القضايا الفرعيّة والثانوية ، هذا مع ادّعائهم كافّة الاعتصام بالكتاب ، وإسناد معارفهم إليه !
إنّ وجود الكتاب مع عدم اقترانه بشارح
ومترجم لمعانيه المرادة لا يصدر من حكيم ، خاصّة إذا كانت لغته في أعلى قمّة البلاغة والفصاحة والمعارف الإلهيّة ، نعم قد يفهم منه بعض القضايا الإجماليّة