لكنّه تمرين لجعله ملكة راسخة في نفس صاحبه ، ولهذا قال تعالى في الحديث القدسي : « الصوم لي وأنا أجزي به » (١) أو « عليه » ، أي جزاء الصائم عندي ، والصحيح أن يُقرأ « الصوم لي وأنا اُجزى به » (٢) ، أو « عليه » ، أي جزاء الصوم لذّة معرفة الله ومحبّة الله ورضى الله والتودّد إلى الله ، والتقرّب من الله ، والتوكّل على الله ، والاستعانة بالله ، والرضا بقضاء الله وقدره ، والإخلاص لله ، وتوحيد الله ، والاستغناء بالله ، واللجوء إلى الله ، والاستعاذة بالله ، وأن لا يرجونّ سوى الله تبارك وتعالى ، ليشعر بحقيقة قوله تعالى : ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (٣) ويدركها بكلّ وجوده ؛ لأنّه رياضة روحانية وجهاد نفساني ـ جهاد أكبر ـ يُقوّي الإرادة ويزيد في القدرة على مخالفة الشيطان ومقارعة الأهواء النفسانيّة ، وطاعة الرحمن جلّت قدرته ، هذا في الجانب الفردي ، وأمّا في الجانب الاجتماعي فهو ينظّم الحياة الاجتماعية ، ويُحسّن حركة المجتمع ، ويليّن النفوس
__________________
(١) وسائل الشيعة ٤٠٠ : ١٠. الكافي ٦٣ : ٤. من لا يحضره الفقيه ٧٥ : ٢.
(٢) مشرق الشمسين ـ البهائي : ٣٦٩. الحدائق ٨ : ١٣. الرياض ٣٢٥ : ١.
(٣) سورة الحديد : ٣.