المشركين ، ولم يألُ
جهداً في سبيل الهداية بالطرق العقليّة والبرهانيّة والاستدلاليّة والوعظ والإرشاد ثمّ تجاوز ذلك حتّى توسّل بالمعجزة وأكثر من الإتيان بها طيلة ثلاث عشرة سنة ، ولم يغيّر مسلكه في ذلك قيد شعرة ، ولا عدل عن طريقته تلك قيد أنملة بعدما انتقل إلى المدينة المنوّرة وهاجر إليها واستقرّ فيها ، وحتّى بعد أن فتح الله له وعليه وأقام أوّل دولة إسلاميّة نموذجيّة ، وأوّل حكم عادل مثالي وخضعت له الرقات ، وذلّت له الأعناق ؛ إذ كانت سيرته العمليّة والنظريّة هي الدعوة والنصح والموعظة والإرشاد والجدال بالتي هي أحسن ، وإقامة الحجج والبراهين ، والاحتجاج بالمعاجز والكرامات ، من غير التجاء إلى قوّة اليد وضربة السيف ، بل ازداد تواضعاً ورأفةً ورحمةً وشفقةً كلّها ازداد قوّة وصولةً وحكماً وسلطةً ونفوذاً ، يكفيك ما صنعه صلىاللهعليهوآله
بمشركي قريش وصناديد الكفر عندما أظفره الله تعالى بهم في فتح مكّة وهي آخر عام من حياته. غير أنّ اهل العناد والتضليل والإلحاد أبوا إلاّ أن يشهروا سيوف الشرك والإلحاد في وجه رسول الله صلىاللهعليهوآله
، ويستجمعوا قواهم وجنودهم ، فيهبّون لحربه والنيل منه ومن الشريعة الغرّاء ، لكي يئدوا صوت الحقّ في مهده ، وينكّسوا