العامّة ، هذا رافد أوّل مهم ، طبعاً هذا الرافد لا يتصادم مع كون القيادة بيد المعصوم ; لأنّ الحكم فعل يقوم به طرفان ، والنظام الاجتماعي موجود يقوم على طرفين : الطرف الأول : هو الحاكم القائد المدبّر ، والطرف الآخر : القاعدة.
فالقاعدة حيث لا تستجيب ، فليس بإمكان المدبّر الكفوء الصالح أن يدبّر ويقود.
ومن لطائف النظريّة الإماميّة ، أنّ هذه الرقابة ليست مخصوصة على النظام الذي يرأسه ، أو على الحكومة التي يرأسها غير المعصوم ، كالفقيه مثلاً الذي هو نائب المعصوم أو عدول صالحي المؤمنين ، بل حتى على نظام المعصوم ، والسرّ في ذلك أنّ المعصوم من الرسول أو الإمام ـ وهو وصيّ الرسول ـ وإن كان معصوماً ، إلّا أنّ جهازه ليس بمعصوم ، ومن ثمّ احتاج المعصوم إلى معاونة وإعانة ونصيحة من الأُمّة له ، بأن يراقبوا ولاته ووزراءه وشرطته وكلّ أفراد وأعضاء حكومته.
وهذا هو الذي يفسر كثيراً من تعابير أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال : « فإنّي لست بفوق ما أن أخطئ » (١) عندما تولّى السلطة بعد مقتل عثمان ، يشير إلى خطأ الدولة ، لا خطأه عليهالسلام وهو معصوم منزّه عن الخطأ.
وكذلك مثلاً ما حصل من براءة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ممّا
______________
(١) مصباح البلاغة ( مستدرك نهج البلاغة ) ٢ : ٦٩.