وهذا يطلعنا على نقطة خامسة ، هي أنّ الاعتبارات القانونيّة ، سواء كانت الشرعيّة أو الوضعية ، هي تنطلق ليست في المصادمة مع كمالات الطبيعة ، بل لأجل هداية الكمالات الطبيعيّة إلى طرقها المنشودة وغاياتها المبتغات.
وبعبارة أُخرى : كلّ اعتبار قانوني لا ينشأ من مصالح تكوينيّة فهو لاغي ; لأنّ بناءً على العدليّة في قبال الأشعريّة ، الاعتبارات القانونيّة تنطلق من مصالح ومفاسد ، فكونها تنطلق من مصالح ومفاسد لا يعني إلغاء دور الاعتبار القانوني.
فملخّص النقطة الخامسة : أنّ الاعتبار القانوني هو نفسه ينطلق من مناشيء طبيعية ، لكن إنّما هو ينظّمها ويدبّرها ويهذّبها وما شابه ذلك ، فليس المفروض في الاعتبار القانوني أنّه يكون خلوّ من الملاكات الطبيعيّة ، أو أنّه مصادم للملاكات الطبيعيّة ، وكأنّما في هذه المقولة إغفال لهذا الجانب.
النقطة السادسة : أنّ هذه الطبيعة ليست هي المنبع الأول والأخير حتى الطبيعة الإنسانية ، هذه الطبيعة ليست إلّا سنن إلهيّة وتكوينيّة ، بل السنن التشريعيّة هي مكمّلة لسننه التكوينيّة ; لأنّه إذا سارت الطبيعة التكوينيّة الماديّة تحت مسار ما فوق الطبيعة من أمر غيبي إلهيّ ، يكون هناك النجاح في الوصول إلى كمالات الإنسان.
مع أنّ سنن الطبيعة التكوينيّة لا يحيط
به العقل التجريبي البشري