الاعتبار : أنّ الاعتبار يتوسّط تكوينياً المنشأ الطبيعي التكويني ، ثمّ اعتبار ، ثمّ الأفعال التكوينيّة الأُخرى فيكون الاعتبار متوسّطاً بين ظاهرتين تكوينيتين ، لكي يرسم انتظام هذا النظام الاجتماعي السياسي.
بل يترفّع العلّامة الطباطبائي وهو الصحيح ، فيقول : بل لو فرضنا أنّ الإنسان لا يعيش نظاماً اجتماعيّاً ، بل يعيش حقبة الكهوف ، لابدّ من توسّط الاعتبار القانوني في أفعال الإنسان ، يعني يحدّد لنفسه واجبات ومحرّمات ، مثلاً يحدّد لنفسه واجب معناه الغذاء ، أصل الحاجة هي طبيعيّة ، لكن مع ذلك لابدّ أن ينظّمها بشكل اعتبار قانوني متى يجب أن يأكل ، متى يجب أن لا يأكل ، متى يحرم عليه ، متى كذا ، فإذاً الطبيعة لابدّ أن تهذّب والتكوين للطبيعة لكي ينجم عنها أغراض وغايات تكوينية أُخرى لابدّ أن يتوسّط الاعتبار القانوني حتى في الممارسة الفرديّة لفعل الإنسان ، وإلّا فأصل منشأ الطبيعة للحقّ غائم مبهم.
فهذه مؤاخذة رابعة على هذه المقولة ، وهي أنّ الاعتبار القانوني باعتراف كلّ القانونيين الوضعيين لابدّ في النظام الاجتماعي ، بل وبعبارة أُخرى حتى في نظام الأفعال الفرديّة التي لا تمسّ الإنسان نفسه ، ولا ترتبط بشريكه الآخر فضلاً عن بقية أفراد المجتمع ، مع ذلك يحتاج الإنسان في تدبير ونظم هذا إلى التدبير الاجتماعي.