أجمع ، وبذرة التشيّع نشأت في مجتمع الصحابة ، ومنهم أبطال التشيع ، وحاملو دعوته ، وهم الذين عرفوا بالولاء لعليّ عليهالسلام ، وناصروه في حربه لمن بغى عليه ، وهم خيار الأئمة(١).
* * *
وإذا كان الجمهور على أنّ الصحابة كلّهم عدول ولم يقبلوا الجرح والتعديل فيهم كما قبلوه في سائر الرواة ، واعتبروهم جميعاً معصومين من الخطأ ، والسهو ، والنسيان ، فإنّ هناك كثيراً من المحقّقين لم يأخذوا بهذه العدالة (المطلقة ) لجميع الصحابة ، وإنما قالوا كما قال العلامة المقبلي إنها ( أغلبية ) لا عامة وإنه يجوز عليهم ما يجوز على غيرهم من الغلط ، والسهو ، والنسيان ، بل والهوى ، ويؤيدون رأيهم بأن الصحابة إن هم إلاّ بشر يقع منهم ما يقع من غيرهم ، ممّا يرجع إلى الطبيعة البشرية.
وإن سيّدهم الّذي اصطفاه الله صلوات الله عليه « والله أعلم حيث يجعل رسالته » قد قال :
« أنا بشر أصيب وأخطىء ».
ويعزون حكمهم بمن كان منهم في عهده صلوات الله عليه من المنافقين ، والكاذبين. وبأنّ كثيراً منهم قد ارتدوا عن دينهم بعد أن انتقل إلى الرفيق الأعلى ، بل ما وغع منهم من الحروب والفتن التي أهلكت الحرث ، والنسل ، ولا تزال آثارها ـ ولّما تزل ـ إلى اليوم ، وما بعد اليوم ، وكأن الرسول صلوات الله عليه قد رأى بعين بصيرته النافذة
__________________
(١) الإمام الصادق والمذهب الأربعة : ١ / ٥٩٩ ـ ٦٠١.