وسلم ، وبايعته تحت الشجرة. فقال :
يابن أخي ، لا تدري ما أحدثنا بعده (١).
وقال العلامة الشيخ لطف الله الصافي دام ظلّه :
نعم : لو قال : لقد رضي الله عن الذين بايعوك ، تشمل كلّ من بايعه كائنا من كان ، وإن شك في إيمانه ، ولكن لا يجوز التمسك به فيمن شككنا في أصل بيعته ، كما لا يثبت إيمان من شككنا في إيمانه بقوله : ( لقد رضي الله عن المؤمنين ).
وهذا كلام متين في غاية المتانة.
وايضاً هذه الآية لا تدل على حسن خاتمة أمر جميع المبايعين المؤمنين. وإن فسق بعضهم ، أو نافق. لأنها لا تدل على أزيد من أنّ الله تعالى رضي عنهم ببيعتهم هذه ، أي قبل عنهم هذه البيعة ، ويثيبهم عليها ، وهذا مشروط بعدم إحداث المانع من قبلهم.
والحاصل : إن اتصاف الشخص بكونه مرضيّاً لا يكون إلاّ بعمله المرضيّ ، والعامل لا يتّصف بنفسه بهذه الصفة ، فهذه الصفة تعرض على الشخص بواسطة علمه. فإذا صدر عنه الفعل الحسن ، والعمل المرضي ، يوصف العامل بهذه الصفة أيضاً ، ولا دلالة للآية على أن من رضي الله عنه بواسطة عمله يكون مرضيّاً طول عمره ، وإن صدرت منه المعاصي الموبقة بعد ذلك ، ورضا الله تعالى عن أهل بيعة الحديبية ليس مستلزماً لرضاه عنهم إلى الأبد.
والدليل على ذلك قوله تعالى في هذه السورة في شأن أهل هذه البيعة ، وتعظيمها :
__________________
(١) صحيح البخاري : ٣| ١٤٤ ، باب غزوة الحديبية من كتاب المغازي. ط مصر موطأ الإمام مالك : ٢ | ٤٦٢ باب الشهداء في سبيل الله ، الحديث رقم ٣٢. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.