المجري بالتكليف إليه ، والحكم لا يناقض غرضه ، لكونه منافيا لحكمته ، وشروطه تقدمه على ما هو لطف فيه ، وثبوت مناسبته بينهما وخلوة من كل مفسدة ، وهو فيما لا يتعلق بالدين غير واجب ، إذ لا وجه لوجوب الأصلح الدنياوي ، ولا طريق إليه ، لاستحالة كونه تعالى في كل حال غير منفك من الإخلال بالواجب ، وتقتضيه المفسدة ، ولا يجب المنع منها بل الأعلام بها والتمكين من دفعها ، لإزاحة العلة ، واستتمام الغرض بذلك.
ولا وجه في اللطف إذا كان مصلحة في أمر أو لمكلف مفسدة في غيره ولآخر ، كما لا وجه لكل مصلحة لا تتم إلا بمفسدة.
ومعرفة الله تعالى واجبة ، لكونها أصلا لجميع التكاليف المكتسبة ، عقلا وشرعا ، لكون اللطف الذي هو العلم باستحقاق الثواب والعقاب على الطاعة مشروطا بثبوتها ، ومتوقفا على حصولها ، ولكونها شرطا في شكر نعمه سبحانه تعالى وعبادته ، التي هي كيفية في شكره الذي لا يصح إلا بعد صحتها ، ولا يثبت حقيقته إلا بعد ثبوتها.
وكلما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، ولا وصلة إليها في دار التكليف إلا بالنظر الحاصل على شروطه ، لاستحالة كونها ضرورية أو حاصلة عن طريق يرجع إلى الضرورة ، لثبوت الخلاف فيها ، وارتفاعه في كل ضروري.
ولسنا في تكليف العلم بالمكلف مضطرا إلى العلم به ، أو سمعه (١) ، لتوقف العلم بصحة السمعيات على تقدمها ، وأن السمع (٢) مؤكد لوجوبها ، فكانت
__________________
(١) في « ج » : أو سمعية.
(٢) في « أ » : وإنما السمع.