عقاب الكفار ، أجمعوا أيضا عدا الوعيدية (١) على انقطاع عقاب من وصفنا حالهم.
ولاستحالة الجمع بين دائمي الثواب والعقاب ، وجب كون المنقطع متقدما على الدائم الذي يحصل بدلا منه ومعاقبا له.
الكلام في الإحباط وبطلانه
وقد ثبت بما ذكرناه أن المستحق من الثواب لا ينفيه شيء ولا يسقطه مسقط ، لأن إسقاطه مناف للحكمة (٢) لكونه مستحقا على الله لا على غيره ، فتقدير سقوطه بعد ثبوته مناف لحكمته تعالى.
وإذا صح ذلك بطل التحابط بين الطاعات والمعاصي ، وبين المستحق عليهما. ويبطله أيضا أنه لا تنافي بين ذلك ، لكونه متجانسا ، فإن جنس ما يقع طاعة أو معصية واحد لا تضاد فيه ولا اختلاف بينهما إلا بالوجوه التي يقع عليها وهي تابعة لاختيار الفاعل وقصده ، بل مما يصح تعريها منها. فإن دخول الدار بإذن صاحبها كدخولها بغير إذنه ، وأحد الدخولين (٣) طاعة والآخر معصية ، وجنسهما واحد لا اختلاف فيه إلا بالوجه الواقع عليه ، وكذلك ، جنس ما يقع ثوابا أو عقابا واحد ، لا مضادة فيه ولا انفصال بينهما (٤) إلا بالشهوة لأحد هما والنفار من الآخر ، فإن جنس الألم واللذة واحد. وإدراكهما بطريق واحد ، ولا افتراق بينهما
__________________
(١) هم القائلون بعدم جواز العفو عن الكبائر عقلا كالمعتزلة ومن تبعهم.
(٢) في « ج » : مناف للحكم.
(٣) في « ج » : كدخوله بغير إذنه وأحد المدخولين.
(٤) في « ج » : ولا انفعال بينهما.