العاقل من كل تكليف ، لكن ذلك مشروط بأن يغنيه بالحسن عن القبيح ، ولا يثبت ذلك إلا بأن يكون مشتهيا للحسن (١) ، نافرا عن القبيح لا بالعكس من ذلك ، فبتقديره يكون خلوة من التكليف جائزا ، لكونه غير مناف للحكمة ، ويكون كمال عقله مع ما يضامه من أصول النعم الباطنة والظاهرة نعمة منه سبحانه عليه ، وإحسانا إليه ، والعقل يقتضي حسن الابتداء بذلك لا قبحه.
ومما يتفرع على ركن العدل الكلام في الوعد والوعيد ، وهو ما يستحق بالتكليف فعلا وتركا ، والمستحقات ستة :
المدح والذم والثواب والعقاب والشكر والعوض ، فالمدح يتميز بكونه دالا على الارتفاع ، والذم بكونه دالا على الاتضاع ، والثواب بوقوعه مستحقا على وجه التعظيم ، والعقاب بوقوعه مستحقا على وجه الإهانة ، والشكر بوقوعه اعترافا مقصودا به التعظيم ، والعوض بانقطاعه (٢) وتعريه من تعظيم.
ويعتبر في المدح والذم العلم بما به يستحقان ، والقصد إلى كل واحد منهما ، والوضع العرفي فيهما ، ويثبتان بالقول حقيقة وبالفعل مجازا ، ويشتملان على أسماء ودعاء ، ويستعمل كل واحد منهما بحسب الموجب له مطلقا في موضع ، مقيدا في غيره ، ويعلمان عقلا ، لاقتضاء ضرورته (٣) لهما.
فما به يستحق المدح ، إما فعل الواجب لوجه وجوبه ، أو الندب لوجه ندبيته ، أو اجتناب القبيح لوجه قبحه ، أو إسقاط الحقوق لوجهها (٤) لا يستحق
__________________
(١) في « ا » : مشتبها للحسن.
(٢) في « ج » : والعوض انقطاعه.
(٣) في « ا » : باقتضاء ضرورية.
(٤) في « ا » : لوجههما.