لكونه كذلك وجه ، وكان تقدمه على من هو أعلم منه بالحكم والفتوى قبيحا ، ولا ثبوت لإمامته معه ، فوجب تميزه بما لا يتم كونه إماما إلا به.
وأكرم ، لأنه قائم بضبط الحقوق المالية ، ووضعها في مواضعها.
وأشجع ، وإن كان إليه جوار (١) ، لأنه فتية (٢) فيه ويختص بتدبيره وتوليه.
وأزهد وأعبد ، لأنه قدوة فيهما والداعي إليهما.
وبثبوت عصمته ثبوت هذه الصفات له ، إذ هي أصل صفات الكمال والكاشف عنها لتعيينه وتمييز شخصه (٣) أما المعجز المطابق لادعائه أو نص صادق يخصه ، لأن اختصاصه بها مما لا يشاهد ، بل مما لا يحيط به علما إلا علام الغيوب سبحانه ، لكونه أمرا باطنا لا سبيل إلى العلم به والقطع عليه إلا بما يكشف عنه ، وليس إلا ما أشرنا إليه ، فلو لم يكن منصوصا عليه بالإمامة أو مختصا بمعجز يصدق ادعاه بها تعذر تعيينه ، ولم يكن لأحد ممن كلف ذلك طريق إليه ، وما تكليف ما لا طريق إلى العلم به في القبح بل في التعذر إلا كتكليف ما لا قدرة عليه.
وكلما لا تتم إزاحة علة المكلف في تكليفه إلا به ، فهو واجب لوجوب إزاحتها. وقد بطل بثبوت كون النص أو المعجز طريقي تعيين الإمام ما يدعى من الاختيار. ويبطله زائدا أنه لو ساغ في الإمامة لساغ في النبوة وفي الأمور الدينية ، ولأنه إن خص قوما دون قوم فلا وجه له لكونه تخصيصا لا بمخصص وترجيحا لا بمرجح ، وإن عم جميع الأمة أو سائر علمائها وأهل الرأي والمشورة منها ، فلا خفاء في تعذره واستحالته ، ولو كان ممكنا لم يثبت ، ولا اتفق لأحد ممن ادعيت
__________________
(١) ـ كذا في النسخ التي بأيدينا.
(٢) ـ كذا في النسخ التي بأيدينا.
(٣) في « أ » : وتميز شخصه.