واختلاف النقل ورجحان النقل المباشر على النقل بالواسطة. ثم انبرى المولى الأفندي لتفنيد اعتراض المحقق الثاني فقال :
« لكن أقول : إنّ كلام المحقق الثاني تتراءا منه آثار المغالطة :
أما أولا ـ فلأن أخذ الحسن جوائز معاوية كان استيفاء لبعض حقوقه عليهالسلام ، فان الدنيا بما فيها لهم عليهمالسلام ، فكيف بما في يد ذلك الطاغي الباغي ، فلا تصح المقايسة ، ويبطل حديث التأسي لأنه يجب أو يستحب فيما لم يعلم فيه جهة اختصاص ، وهو ظاهر.
وأما ثانيا ـ فلأن باب التقية والضرورة في شأنه عليهالسلام واضح مفتوح في أخذه تلك الجوائز ، لأنه كان قد صالح ظاهرا مع ذلك الملحد تقية لشيعته وحقنا لدم زمرة تبعته ، فلو لم يقبل الجوائز منه لتخيّل ذلك الشقي أنّه لم يقر على عهده وصلحه ، ولعله يخطر بباله أنّه يريد الخروج عليه ثانيا. وعلى هذا أيضا فلا وجه للاستدلال بفعله من جهة التأسي.
وأما ثالثا ـ فلأن الله تعالى يقول « وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ » (١) وأخذ تلك الجوائز من السلطان الجائر مستلزم له البتة ، فهو ـ حينئذ ـ ممنوع ، من باب أن مقدمة المحظور محظورة أيضا إذا كانت مستلزمة له ، إذ قل ما ينفك الركون مع الإحسان كما قيل « الإنسان عبد الإحسان » خرج عنه ما خرج من وقت الضرورة ونحوها فيبقى الباقي تحت المنع. ومن المعلوم أنّ ذلك الاحتمال ـ أعني الضرورة ـ عن هذا الشيخ مرتفع ، على ما صرّح به هو نفسه ، فلا وجه لتجويزه له » (٢).
وقبل أن يحاكم بينهما اعتذر يقول : وأنا أقول : إن كليهما طودا الحلم وعلما العلم ولا يليق بمثلي أن يحاكم بينهما (٣).
يقول هذا وهو بعد ذلك يقول : وقد سمعت عن الأستاذ ( المجلسي ) أيده الله :
__________________
(١) سورة هود : ١١٣.
(٢) رياض العلماء ١ : ١٦ ، ١٧.
(٣) رياض العلماء ١ : ١٦.