المنكرين حيث قال حكاية عنهم « ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا » (١) بقوله « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا » (٢) فغرض الشارع يتمّ بالتخلّص منه بأيّ وجه اتفق ، إذ لا غرض له منوطا إلا بعدم التفاضل مع التساوي ، ومثل هذه الحيلة لإسقاط الشفعة فإن الأمثل إن نزع المال من المالك لا يكون إلا عن رضاه خرج منه ما كلّف به الشارع عند وقوع البيع دون سائر العقود في الأراضي التي يمكن قسمتها من ثبوت حق الشريك وهو الأخذ بالشفعة ، وليس بلازم على المشتري أن يوقع البيع ليشفع منه بل له أن يوقع الصلح ليسلم من التكليف بالحكم الشرعي ، والحقّ تعالى إنّما أوجب حكم الشفعة مع البيع ولم يوجب البيع.
الثانية : إذا دفع الى فقيه مالا ليصرفه على المحاويج ويأخذ منه لنفسه إن كان محتاجا وهو غير محتاج فملّك ماله من يثق به كولده وزوجته ليكون محتاجا وأخرجه على نفسه ثم استعاد ماله كان ذلك من الحيل المنافية للأمانة لمنافاته حكمة طلب إخراج الزكاة لأن الغرض مساواة الفقراء ودفع ضروراتهم بدفع الحقّ المفروض لهم وقد ورد استحباب نقلها الى الفقهاء لأنهم أعلم بمواقعها ، وربما قيل بالوجوب ، فاذا فعل الفقيه ذلك كان خائنا لأمانته غير موثوق بديانته وهو ممّن نصب للدين فخّا يصطاد به ، ومثل هذا من أتى الى مال مسلم يده عليه فتسلّط باليد الغالبة حتى أخافه ، وعلم منه أنّه إن لم يوافقه اضطرّه الى ما هو أبلغ ممّا يلتمس منه ، ثم طلب منه أن يبيعه نصف نخيله وبساتينه التي يكون قيمة الواحد منها ألف دينار وهي خمسون مثلا بدينار ليتملّك نصف ذلك ويأخذه منه ، وذلك لأنه مناف لمطلوب الشارع من عدم أكل المال بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض ، الناشئ عن حكمة تسلّط المسلمين على أموالهم إلا عن طيب من
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.
(٢) البقرة : ٢٧٥.