منهم له أو إشارته إلى إباحته فضلا عن تداولهم له ، وعلى طريق آداب البحث على المدّعي هنا تصحيح النقل بما ثبت به شرعا ولو بخير واحد أنهم تداولوا ذلك ، أمّا الدعوى المجرّدة فلا تقبل في مواضع النزاع. هذا وقد يمنع دلالة التداول ما لم يتحقّق إجماع أو ما يقوم مقامه من الأدلّة التي يصحّ الاعتماد عليها.
قال السيّد التقيّ الورع ابن طاوس الحسني مجيبا لمن أورد عليه ـ لما ترك التقدم والنقابة الاعتراض بفعل المرتضى علم الهدى وأخيه بعد أن قال : إن أولئك قد يتملّكون في زمانهم ممّا لا نقدر عليه (١) ـ ما معناه : إني قلت بذلك على سبيل التأدّب معهما وإلّا فلست براض عليهما ولا على فعلهما وليسا معصومين حتى يكون فعلهما حجّة ، فهما داخلان تحت من يردّ عليه مثل هذه الأفعال.
قوله : مع أني لم أقتصر فيما أشرت إليه على مجرّد ما نبّهت عليه بل أضفت الى ذلك من الأسباب التي يثمر الملك ويفيد الحلّ ما لا يشوبه شك ولا يلحقه لبس من شراء حصّة من الأشجار والاختصاص بمقدار معيّن من البذر فقد ذكر أصحابنا طرقا للتخلّص من الربا (٢).
أقول : هذا لا يحتاج الى بيان طائل بعد ما حقّقناه في المقدّمة ، وذلك لأنه إن بنى الحلّ على الملك فالصورة حيلة تنافي الأمانة بل غير جائزة لأن أهلها مقهورون مخافون ، ولهذا لمّا أخذت القرية منه لم يمكنه أن يدّعي عليهم ولا أن يطالبهم بما ابتاعه منهم لأنهم يجيبوه بأنا إنما فعلنا ذلك خوفا ولو كان عن رضي وإيثار لاستقرّ ملكه عليه كسائر الأملاك المبتاعة ، وإن لم يبن عليه فوجوده كعدمه بل عدمه أولى ، ومن هنا علم أنّ الاحتياط لا بدّ فيه من المعرفة والتقوى والورع. ومن العجب أنّ الخراج عنده ليس من الشبهات ولا من المشتبهات ، وظاهره أنّ القرية
__________________
(١) كشف المحجّة ـ ص ١١٢ نقلا بالمضمون.
(٢) راجع خراجيته (ره) ، ص ٣٨.