إذا تحقق أن ذلك هو قدر مجموع أراضيها طوعا وعرضا ، وهو إن لم يكن معلوم البطلان بالضرورة يفتقر إثباته إلى دليل ، وقوله « وأما ثانيا .. إلخ » (١) ركيك جدا لأنه مجرد استبعاد وخطابية ، ومن العجب إسناد ما هو معلوم البطلان بالبديهة مثل هذا ، وإن أراد الثاني فمعلوم أنه ليس معلوم البطلان بالبديهة ودعواه مكابرة ، وما أسنده من الوجهين ظاهر الضعف كما نبهنا عليه آنفا ، ومما يؤكده ويزيده بيانا ما هو في الاشتهار كالشمس في رابعة النهار من تجدد قرى وبلاد بعد الفتح لم تكن معمورة ، فإن الحلة التي هي اليوم من أقطاب العراق كانت مواتا وقت الفتح وغيرها كثير من أراضي العراق.
ويؤيد ما ذكرناه أن العلامة الفهامة قطب رحى الدين وإمام المجتهدين وقف قرى متعددة كما أشرنا إليه سابقا ، وفي صدر وقفه أنه أحياها وهي ميتة وعمرها وكانت خرابا ، وعلى وقفه خطوط أماثل العلماء والفقهاء من المذاهب الأربعة ومذهب الخاصة ، وهل يستجيز محصل أن يقول إن أرض العراق يوم الفتح لم يكن فيها شيء من الموات؟ إلا أن يكون ممن لا يبالي كيف يرمي الكلام على أن معمورها المذكور ليس بطريق ثابت يصح الاعتماد عليها؟ هذا والمعترض لا يعترض بأنها محياة بعد الممات ، إذ لا حاجة الى ذلك بل يقول لا نسلم أن هذه المعينة من أرض الخراج وكون العراق مفتوحة عنوة لا يدل عليه إلا إذا ثبت أنها كانت بحيث لا موات فيها ، وأن هذه المعينة كانت محياة حينئذ ودونه خرط القتاد بل كون بعضها كان مواتا معلوم بالضرورة. لا يقال لو تم ما ذكرتم لقام الاحتمال في كل شيء من المفتوح عنوة فلا يتحقق حكم الخراج في شيء منه.
فنقول : إن لم يعلم أن شيئا منه على التعيين كان عامرا وقت الفتح ولا ثبت أنه قد أخذ منه الخراج متصلا من غير انقطاع أو أخذه عادل ونحو ذلك مما يدل
__________________
(١) راجع خراجيته (ره) ، ص ٨٧.