وحينئذ فلو صام أحد يوم عاشوراء مثلا ، طالبا لثواب الصوم متقرّبا إلى الله سبحانه ، فلعلّ له ذلك ، ولكن يقارنه ما يبطل له ذلك الثواب ويبقى بعد [ ه ] كراهة.
نعم ، لو صام معتقدا ترتّب الثواب عليه بخصوصه وطالبا له فيكون حراما ، بل ربّما كان تشريعا وكفرا.
وبالجملة ، فقد تخلّص لك بما قرّرنا أنّه يجوز في العقل أن يكون لبعض العبادات فرد تقارنه خصوصيّة تعارض ثواب تلك العبادة في ضمنه مرجوحا ، لكن لا إلى حدّ ينتهض سببا للعقاب ، ولا مجال لإنكار هذا كما لا يخفى.
وإذا جاز ذلك ، فليس في الشرع إلّا الإخبار عن مثل ذلك والتعيين ، ولا محذور فيه ، فلا إشكال من هذه الجهة ، وكذا لا إشكال من حيث إطلاق العبادة عليه ، فإنّه لا أقلّ من جوازه ، باعتبار أنّ الكلّي ـ الّذي هو فرد منه ـ عبادة شرعيّة.
وإن كنت تضايق فيه ، وتعتبر في لفظ العبادة أن يكون كلّ شيء أطلقت عليه راجحا وجوده بخصوصه على عدمه ، فلا مشاحّة في الاصطلاح ، ولا جدوى في النزاع في اللفظ.
وإن أردت أنّ إثبات مثل ذلك الفرد لمّا لم يكن راجحا وجوده بخصوصه على عدمه يجب أن يكون التعبّد به محرّما ، فلا يتيسّر لك ذلك بعد ما جوّزت أن يكون أمره في نفس الأمر هو ما ذكرنا من أنّه يقارنه خصوصيّة تعارض ثواب تلك العبادة إذا أتى بها في ضمنه بحيث يجعلها مرجوحة لا إلى حدّ يوجب العقاب ، إذ بعد تسليم ذلك ـ ولا محيد عنه ـ كيف يبقى لحال كونه محرّما ، فتأمل جدّا!