المتواترة من بقاء أحكام الشرع النبوي في أمّته إلى يوم القيامة (١) ، مع أنّه يجوز أن يكون تركه أيضا خطأ ، فكيف يترك؟ سيّما وأنّ الراجح أنّه خطأ ، بل القطعيّ.
والقول بأنّه يترك حينئذ ما ظهر لديه أنّه حكم الله ويعمل بغيره وهو الّذي ظهر عنده أنّه ليس حكم الله ، فساده أيضا واضح.
فتعيّن أن يكون حكم الله الظاهري في حقّه هو الّذي فهمه ، وظهر لديه أنّه هو ، فيكون صوابا دائما وإن احتمل الخطأ بالنسبة إلى الحكم الواقعي.
ومن أراد أوضح ممّا ذكرنا ، والشرح التام والبسط البالغ ، فعليه برسالتنا في الاجتهاد والأخبار (٢).
فإن قلت : إذا لم يمكن الاحتياط ، فالأمر على ما ذكرت ، وأمّا إذا أمكن ، فعليه الاحتياط ، لا الأخذ بما يترجّح لديه.
قلت : فيما يتأتّى فيه الاحتياط يحكمون فيه بالاحتياط ، إلّا أنّه ظهر لديهم أنّ الاحتياط ليس بواجب إلّا في مواضع خاصّة ، وأمّا في غيرها فمستحبّ.حكموا بما ظهر لديهم ، لما ظهر عندهم من تحريم الحكم بخلاف حكم الشرع ، وقد ظهر لهم أنّ حكم الشرع عدم الوجوب ، فكيف يمكنهم الحكم بالوجوب والإلزام بالالتزام في العمل؟!
ولذا اتّفق المجتهدون والأخباريّون على وجوب الاحتياط حينئذ ، والباقون على العدم.
وبالجملة ، هذا أيضا نوع اجتهاد ، والمسألة اجتهاديّة.
وإن أردت الحقيّة والصوابيّة بالنظر إلى الحكم الواقعي ، فهو عبارة أخرى
__________________
(١) لاحظ! المحاسن للبرقي : ١ / ٤٢٠ الحديث ٩٦٣ ، الكافي : ٢ / ١٧ الحديث ٢ ، بحار الأنوار : ٢ / ٢٦٠ الحديث ١٧ و ١١ / ٥٦ الحديث ٥٥ و ١٦ / ٣٥٣ الحديث ٣٨ و ٤٧ / ٣٥ الحديث ٣٣.
(٢) الرسائل الأصوليّة : ٥ ـ ٢٢٩.