حجّيته ، ولذا لا يرضون بثبوت حجّية الإجماع من الظواهر من الكتاب والسنّة ، قائلين بأنّ الظواهر ليست بحجّة ظاهرا إلّا بدليل ، ولا دليل سوى الإجماع فيلزم الدور. إلى غير ذلك ممّا لا يخفى على الماهر في أصول الفقه.
وأيضا ، الحكم الشرعي ليس إلّا ما صدر من الشرع ، وحكم المجتهد صادر عن المجتهد ، وهو ليس بشرع. نعم ، في ظنّه أنّه من الشرع والظنّ لا يغني من الحقّ شيئا (١) ، مع أنّ أحكامهم في الغالب متغايرة ، بل متضادّة ، فلا يكون المجموع مظنونا.
وأيضا ، حكم الشرع ليس إلّا منه (٢) ، وظنّ المجتهد ليس إلّا من المجتهد ، مع كونه ظنّا.
فكون أحدهما عين الآخر فاسد جزما ، وكونه بحسب مكان الآخر شرعا ويكفي عوضا له يتوقّف على الدليل.
وأيضا ، لو لا الدليل على كون ظنّ المجتهد حجّة للعامّي لكان مثل الظنّ الحاصل من الرمل والأسطرلاب وقول الفاسق الجاهل وقول النساء ، ألا ترى أنّ النساء ربّما يحصل لهنّ ظنّ من قول النساء أقوى من الحاصل من قول المجتهد؟! وكذا الرستاقي (٣) من قول الرستاقي. وهكذا.
وأيضا ، كما قال الميّت : إنّ الحكم كذا ، قال : إنّ الميّت لا قول له ، فإن كان قوله حجّة فقوله ليس بحجّة ، بل هو وسائر المجتهدين اتّفقوا في ذلك ، حتّى أنّهم
__________________
(١) إشارة إلى الآيتين الكريمتين : يونس (١٠) : ٣٦ ، النجم (٥٣) : ٢٨.
(٢) في ب : ( ليس إلّا حقّا ومن الشارع ).
(٣) الرستاقي : هو المنسوب إلى الرستاق ، وهو السواد والقرى. لاحظ! القاموس المحيط : ٣ / ٢٤٣ ، لسان العرب : ١٠ / ١١٦.