النار ، أو غلا من غير أن تصيبه النار فيصير أعلاه أسفله (١) فهو خمر ، فلا يحلّ شربه إلّا أن يذهب ثلثاه ـ إلى أن قال : ـ ولها خمسة أسامي ـ أي للخمر ـ : العصير [ وهو ] من الكرم. إلى آخره ) (٢).
والكليني رحمهالله أيضا ذكر مقدّما على هذا الباب باب ما يتّخذ منه الخمر وروى مضمون ما ذكره (٣).
وبالجملة ، لا خفاء في أنّ مراده من الخمر في المقام هو العصير الغالي.
وكون ذلك بحسب الحقيقة عندهم أو بعنوان المجاز سيجيء الكلام فيه ، وفي العلاقة إذا كان مرادهم المجاز.
والأخبار الكثيرة شاهدة لهم ، مضافا إلى الأخبار الواردة في هذا الباب ، وسنشير إليها.
وممّا يشهد على ذلك ، ما يظهر من هذا الخبر ، حيث قال في آخره : « إنّ إبليس ـ لعنه الله ـ بعد وفاة آدم عليهالسلام بال في أصل النخل والكرم ، ومن ثمَّ لم يختمر (٤) العنب والكرم فحرّم الله كلّ مسكر ، لأنّ الماء جرى ببوله وأنّ الماء اختمر في النخلة والكرم من رائحة بوله » ، فإنّه في غاية الوضوح في أنّ قبل البول ما كان مسكرا ، والسكر حدث فيهما بعد وفاة آدم عليهالسلام بسبب بوله.
فتعيّن أن يكون التحريم في حياة آدم عليهالسلام من جهة مصّ إبليس ، هو حكاية الغليان قبل الذهاب ، موافقا لما صرّح به في أخبار ذلك الباب ، فيظهر من أخبار أخر سنشير إليها ، وكذا موافقا لما نصّ عليه الصدوق رحمهالله ، وأنّه هو الظاهر
__________________
(١) كذا ، وفي المصدر : ( من غير أن تمسّه النار فيصير أسفله أعلاه ).
(٢) من لا يحضره الفقيه : ٤ / ٤٠ ذيل الحديث ١٣١.
(٣) الكافي : ٦ / ٣٩٢.
(٤) كذا ، وفي المصدر : ( ومن ثمَّ يختمر ).