وقع في التمر أيضا (١) ، كما ذكرنا في طيّ أدلّتنا.
فإن قلت : تقريبك هناك كان مبنيّا على الفرق بين الغليان والسكر.
قلت : ذلك التقريب بناء على إتمام الدليل على مذاق المتأخّرين ، وإلّا فالرواية ظاهرة في مساواة التمر للعنب ، فإن كان العنب بالغليان يصير مسكرا جزما ومحتمل السكر فالأمر كما ذكر هاهنا ، وإلّا فالأمر كما ذكر هناك.
ومن جملة الأخبار ، الأخبار الكثيرة الواردة في عدم شرب ما زاد مكثه (٢) عن يوم ، الظاهرة في خوف عروض السكر إن زاد (٣) ، ويظهر من حديث عمّار أنّ بزيادة المكث يخاف عروض النشيش (٤).
فظهر من ملاحظة المجموع أنّ النشيش يتحقّق به السكر جزما أو احتمالا ، كما هو الظاهر من القدماء ، والشهيد رحمهالله فهم من تلك الأخبار النشيش (٥) ، ولعلّه بملاحظة [ رواية ] عمّار وغيرها ، لكن مع ذلك لا شكّ في دلالة الأخبار على الخوف من عروض السكر.
وممّا يؤيّد ، ما رواه سماعة قال : « سألته عن التمر والزبيب ، يطبخان للنبيذ؟ فقال : لا ، وقال : كلّ مسكر حرام ، وقال : [ قال ] رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم [ كلّ ] ما أسكر كثيره فقليله حرام ، وقال : لا يصلح في النبيذ الخميرة. » (٦).
وجه الدلالة ، أنّ المعصوم عليهالسلام حكم بالمنع بمجرّد الطبخ ، كما هو ظاهر الرواية ، وقوله : « قال : كلّ مسكر حرام » إن كان كلاما على حدة فالمطلوب
__________________
(١) الكافي : ٦ / ٣٩٣.
(٢) في النسخ الخطّية : ( في عدم شرب ما حدا ومكثه ) ، والظاهر أنّ ما أثبتناه هو المراد.
(٣) في النسخ الخطّية : ( عروض السكران إن زاد ) ، والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه.
(٤) الكافي : ٦ / ٤٢٤ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٢٥ / ٢٨٩ الحديث ٣١٩٣٠.
(٥) لاحظ! الدروس الشرعيّة : ٣ / ١٦.
(٦) الكافي : ٦ / ٤٠٩ الحديث ٨ ، وسائل الشيعة : ٢٥ / ٣٣٨ الحديث ٣٢٠٦٦.