القلب ».
وبهذا يعلم أنّ العلم ليس هو مجرّد استحضار المعلومات الخاصّة ، وإن كانت هي العلم في العرف العامي ، وإنّما هو النور المذكور الناشئ من ذلك العلم الموجب للبصيرة والخشية لله تعالى (١).
قال الله تعالى : (وَاللهُ عَليمٌ حَليمٌ) (٢) ، (إنَّ إبْراهيمَ لَحَليمٌ أوَّاهٌ مُنيبٌ) (٣).
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : فأمّا الحلم فمنه ركوب الجميل ، وصحبة الأبرار ، ورفع الضعة ، ورفع الخساسة ، تشهي الخير ، ويقرب صاحبه من معالي الدرجات والعفو والمهل والمعروف والصمت ، فهذا ما يتشعّب للعاقل بحلمه. ليس بحليم من لم يعاشر بالمعروف من لا بدّ من معاشرته. وما جمع شيء إلى شيء أفضل من حلم إلى علم.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : الحلم سجيّة فاضلة ، زينة ، غطاء ساتر ، فاستر خلل خلقك بحلمك ، حجاب من الآفات ، رأس الرئاسة ، عشيرة ، نور جوهره العقل ، تمام العقل ، نظام أمر المؤمن ، خليل المؤمن ووزيره ، أنصر من شجعان العرب ، زينة الأدب ، جمال الرجل ، وخير الحلم التحلّم ، ومن لم يتحلّم لم يحلم ، والحليم من احتمل إخوانه ، وبوفور العقل يتوفّر الحلم ، ولا يكون حليماً حتّى يكون وقوراً ، وعليك بالحلم فإنّه ثمرة العلم ، ومن حلم ساد ، ويظفر من حلم ، فكفى بالحلم ناصراً وبه تكثر الأنصار ، والحلم كظم الغيظ وملك النفس مع القدرة ، وكمال العلم الحلم ، وكمال الحلم كثرة الاحتمال والكظم ، فلن يثمر العلم حتّى يقارنه الحلم ، والعلم أصل الحلم ، والحلم زينة العلم ...
قال الإمام الصادق (عليه السلام) : عليك بالحلم فإنّه ركن العلم ، الحلم لباس العالم فلا تعرينّ منه (٤).
__________________
١ ـ منية المريد : ١٦٢ ـ ١٦٨. (٢) النساء : ١٢. (٣) هود : ٧٥. (٤) ميزان الحكمة ٢ : ٥١١.