الذي يختصّ باسم الحكمة ، فإذن اُمّهات الأخلاق واُصولها أربعة : الحكمة والشجاعة والعفّة والعدل ، فمن اعتدال هذه الاُصول الأربعة تصدر الأخلاق الجميلة كلّها (١).
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : لا تكمل المكارم إلاّ بالعفاف والإيثار (٢).
ويقول الشهيد الثاني في منيته في الآداب التي يشترك فيها المعلّم والمتعلّم :
الخامس : أن يكون عفيف النفس عالي الهمّة منقبضاً عن الملوك وأهل الدنيا ، لا يدخل إليهم طمعاً ، ما وجد إلى الفرار منهم سبيلا ، صيانة العلم عمّـا صانه السلف. فمن فعل ذلك ، فقد عرض نفسه وخان أمانته ، وكثيراً ما يثمر عدم الوصول إلى البُغْية ، وإن وصل إلى بعضها لم يكن حاله كحال المتعفّف المنقبض ، وشاهده مع النقل والوجدان.
قال بعض الفضلاء لبعض الأبدال : ما بال كبراء زماننا وملوكها لا يقبلون ولا يجدون للعلم مقداراً ، وقد كانوا في سالف الزمان بخلاف ذلك؟ فقال : إنّ علماء ذلك الزمان كان يأتيهم الملوك والأكابر وأهل الدنيا ، فيبذلون لهم دنياهم ، ويلتمسون منهم علمهم ، فيبالغون في دفعهم وردّ منّتهم عنهم ، فصغرت الدنيا في أعين أهلها ، وعظم قدر العلم عندهم ، نظراً منهم إلى أنّ العلم لولا جلالته ونفاسته ما آثره هؤلاء الفضلاء على الدنيا ، ولولا حقارة الدنيا وانحطاطها لما تركوها رغبةً عنها ، ولمّـا أقبل علماء زماننا على الملوك وأبناء الدنيا ، وبذلوا لهم علمهم التماساً لدنياهم ، عظمت الدنيا في أعينهم ، وصغر العلم لديهم لعين ما تقدّم.
__________________
١ ـ ميزان الحكمة ٣ : ١٤٤.
٢ ـ المصدر : ١٤٧.