الأحوال لقوله تعالى : (إنَّما الأعْمالُ بِالنِّيَّاتِ) ، ولقوله (صلى الله عليه وآله) : (لكلّ امرئ ما نوى) فينبغي أن ينوي المتعلّم بطلب العلم رضاء الله تعالى وإزالة الجهل عن نفسه وعن ساير الجهّال ، وإبقاء الإسلام وإحياء الدين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من نفسه ومن متعلّقاته ومن الغير بقدر الإمكان ، فينبغي لطالب العلم أن يصبر في المشاقّ ويجتهد بقدر الوسع فلا يصرف عمره في الدنيا الحقيرة الفانية ، ولا يذلّ نفسه بالطمع ، ويجتنب عن الحقد ويحترز عن التكبّر » (١).
ويجتنب الذنوب والمعاصي ، فإنّ إحدى آثار تصفية الروح ونتائجها اجتناب الذنوب والآثام ، فترك المعاصي من أهمّ الشروط في تحصيل العلوم الإسلاميّة ، فمن يسودّ قلبه بالمعاصي والمحرّمات ، كيف يتوفّق بكسب نور العلم.
شكوت إلى وكيع قلّة الحفظ ، فقال : استعن على الحفظ بترك الذنوب.
وعلمائنا الأعلام لم يتركوا الذنوب وحسب ، بل تركوا المكروهات ، وحتّى منهم من ترك الحلال. فإنّ حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين ، فمن لم يراعِ جانب التقوى والورع عن المحارم في حياته الحوزويّة فإنّه لا يتوفّق في تحصيل العلم ، وكثيراً ما يترك الحوزة وينزع العمّة.
يقول العارف بالله الشيخ حسينقلي الهمداني في إحدى رسائله : « وما استفدته أنا الضعيف من العقل والنفل ، إنّ أهمّ الأشياء لطالب القرب هو الجدّ والسعي في ترك المعصية ، وما لم تؤدِّ هذه الخدمة فإنّ ذكرك وفكرك بحال قلبك ، لن ينفعك شيئاً ، لأنّ خدمة الشخص للسلطان أعظم من هذا السلطان العظيم الشأن ، وأيّ خصومة أقبح من هذه الخصومة.
__________________
١ ـ آداب المتعلّمين ، جامع المقدّمات ٢ : ٥٠ ، طبعة دار الهجرة ، قم.