أنّ القرآن كان قبل الإنسان ، ثمّ خلقه وعلّمه البيان ، بيان ما جاء في القرآن ، الذي هو مجموع ما جاء في الكتب السماوية وفيه كلّ شيء :
(وَكُلَّ شَيْء أحْصَيْناهُ في إمام مُبين) (١).
(وَكُلَّ شَيْء أحْصَيْناهُ كِتاباً) (٢).
وإنّما الله يعلّم الإنسان البيان بحجّته الباطنية (العقل السليم والفطرة السليمة) وبحجّيته الظاهريّة النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) والإمام المعصوم (عليه السلام) ، كما قال الله تعالى :
(وَأنْزَلـْنا إلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلـْنَّاسِ ما نَزَلَ إلَيْهِمْ) (٣).
فخلق الإنسان كان بين علمين : علم القرآن وعلم البيان.
وهذا إنّما يدلّ على عظمة الإنسان وشرف العلم ، وأنّه الأساس في كلّ شيء ، (وبه يمتاز الإنسان عن باقي الحيوانات ، لأنّ جميع الخصال سوى العلم يشترك فيها الإنسان وسائر الحيوانات ، كالشجاعة والقوّة والشفقة وغير ذلك ، وبه أظهر الله فضل آدم على الملائكة وأمرهم بالسجود له ، وهو الوسيلة إلى السعادة الأبديّة إن وقع على مقتضاه ، فالعلم الذي يفرض على المكلّف بعينه يجب تحصيله ، وتجبر عليه إن لم يحصل.
والذي يكون الاحتياج به في الأحيان فرض على سبيل الكفاية ، وإذا قام به البعض سقط عن الباقي ، وإن لم يكن في البلد من يقوم به اشتركوا جميعاً في تحصيله بالوجوب) (٤).
__________________
١ ـ يس : ١٢.
٢ ـ النبأ : ٢٩.
٣ ـ النحل : ٤٤.
٤ ـ آداب المتعلّمين جامع المقدّمات ٢ : ٥١.