كلّ من أخذ البلاد بغير حرب |
|
يهون عليه تسليم البلادِ |
وأمّا من همّ بالرئاسة فهو ملعون ، بعيد عن رحمة الله سبحانه ، كما ورد في الروايات الشريفة ، وهلك من يخفق خلفه النعال.
وهناك من المعمّمين من علماء السوء من يطيل لحيته ويزيد في قطر عمامته ، ويسطّر الألقاب قبل اسمه ، ليغرّ بها عوامّ الناس ، وليكسب المال منهم ، ويحضى باحترامهم ، وتقبيل يده الأثيمة. وقد غفل أنّ الزبد يذهب جفاء ، وأمّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
واعلم أنّ العمر لا يتّسع لجميع العلوم ، فالحزم أن يأخذ من كلّ علم أحسنه ، ويصرف جمام قوّته في العلم الذي هو أشرف العلوم ، وهو العلم النافع في الآخرة ، ممّـا يوجب كمال النفس وتزكيتها بالأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة والأعمال الصالحة والأفعال الطيّبة ، ومرجعه إلى معرفة الكتاب الكريم ، كتاب الله الحكيم ، والسنّة الشريفة المتمثّلة بقول المعصوم (عليه السلام) وفعله وتقريره ، وعلم مكارم الأخلاق وما ناسبه (١).
واعلم أنّ لكلّ علم من هذه العلوم مرتبة من التعلّم ، لا بدّ لطالبه من مراعاتها لئلاّ يضيع سعيه أو يعسر عليه طلبه ، وليصل إلى بُغيته بسرعة ، وكم قد رأينا طلاّباً للعلم سنين كثيرة ، لم يحصلوا منه إلاّ على القليل ، وآخرون حصّلوا منه كثيراً في مدّة قليلة ، بسبب مراعاة ترتيبه ونظامه.
ثمّ الغرض الأوفى من هذه العلوم ليس مجرّد العلم بها ، بل المقصود موافقة
__________________
١ ـ هذا ما قاله الشهيد الثاني في منيته من آداب المتعلّم في نفسه ، ثمّ يذكر آدابه مع شيخه أربعين أدباً ، ثمّ آدابه في درسه وقراءته ثلاثون أدباً ، فراجع.