قال : إنه ليس الذي تعنون ـ ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح : « إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ »؟ إنما هو الشرك.
أقول : المراد بالعبد الصالح لقمان على ما حكاه الله تعالى من قوله في سورة لقمان. وفي الحديث دلالة على أن سورة الأنعام نزلت بعد سورة لقمان ، وقد تقدم أن كون المراد هو الشرك إنما هو الانطباق بحسب المورد والشرك ذنب لا تتعلق به مغفرة أصلا بخلاف غيره كائنا ما كان ، والدليل على ما ذكرنا ما يأتي من الروايات.
وفيه ، أخرج أحمد والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن جرير بن عبد الله قال : خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله فلما برزنا من المدينة ـ إذا راكب يوضع نحونا فانتهى إلينا فسلم ـ فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : من أين أقبلت؟ فقال : من أهلي وولدي وعشيرتي أريد رسول الله. قال : قد أصبته قال : علمني ما الإيمان؟ قال : تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ـ قال : قد أقررت.
ثم إن بعيره دخلت يده في شبكة جردان فهوى ـ ووقع الرجل على هامته فمات ـ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ هذا من الذين عملوا قليلا وأجروا كثيرا ، هذا من الذين قال الله : « الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ ـ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ » إني رأيت الحور العين يدخلن في فيه من ثمار الجنة ـ فعلمت أن الرجل مات جائعا :
أقول : ورواه أيضا عن الحكيم الترمذي وابن أبي حاتم عن ابن عباس نحوه ، ورواه العياشي في تفسيره عن جابر الجعفي عمن حدثه عن النبي صلىاللهعليهوآله : مثله.
وفيه ، أخرج عبد بن حميد عن إبراهيم التيمي : أن رجلا سأل عنها النبي صلىاللهعليهوآله ـ فسكت حتى جاء رجل فأسلم ـ فلم يلبث إلا قليلا حتى قاتل فاستشهد ـ فقال النبي صلىاللهعليهوآله ـ هذا منهم من الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم.
وفيه ، أخرج الفاريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه عن علي بن أبي طالب : في قوله : « الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ » قال : نزلت هذه الآية في إبراهيم وأصحابه خاصة ـ ليس في هذه الأمة.
أقول : والرواية لا توافق بظاهرها الأصول الكلية المستخرجة من الكتاب والسنة