قول العبد مخلصا : لا إله إلا الله.
أقول : وهو من لطائف كلامه عليهالسلام أخذه من قوله تعالى : « إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ».
ووجهه أن العبد إذا نفى عن غيره تعالى الألوهية بإخلاص الألوهية والاستقلال له تعالى أوجب ذلك نسيان غيره ، والتوجه إلى مقام استناد كل شيء إليه تعالى ، وهذا هو مقام العرش على ما مر بيانه.
ونظيره في اللطافة قوله عليهالسلام : قد سئل عن بعد ما بين الأرض والسماء : مد البصر ودعوة المظلوم.
وفي الفقيه ، والمجالس ، والعلل ، للصدوق : روي عن الصادق عليهالسلام أنه سئل لم سمي الكعبة كعبة؟ قال : لأنها مربعة ـ فقيل له : ولم صارت مربعة؟ قال : لأنها بحذاء البيت المعمور وهو مربع. فقيل له : ولم صار البيت المعمور مربعا؟ قال : لأنه بحذاء العرش وهو مربع ، فقيل له : ولم صار العرش مربعا؟ قال : لأن الكلمات التي بني عليها الإسلام أربع : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر. الحديث.
أقول : وهذه الكلمات الأربع أولاها : تتضمن التنزيه والتقديس والثانية التشبيه والثناء ، والثالثة التوحيد الجامع بين التنزيه والتشبيه ، والرابعة : التوحيد الأعظم المختص بالإسلام ، وهو أن الله سبحانه أكبر من أن يوصف فإن الوصف تقييد وتحديد وهو تعالى أجل من أن يحده حد ويقيده قيد ، وقد تقدم نبذة من الكلام فيه في تفسير قوله تعالى : « لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ » الآية.
وبالجملة يرجع المعنى إلى تفسيره بالعلم على ما مر ، والروايات المختلفة في هذا المعنى كثيرة كما ورد أن آية الكرسي وآخر البقرة وسورة محمد من كنوز العرش وما ورد أن صلىاللهعليهوآله نهر يخرج من ساق العرش ، وما ورد أن الأفق المبين قاع بين يدي العرش فيه أنهار تطرد فيه من القدحان عدد النجوم.
وفي تفسير القمي ، عن عبد الرحيم الأقصر عن الصادق عليهالسلام قال : سألته عن « ن وَالْقَلَمِ » قال : إن الله خلق القلم من شجرة في الجنة ـ يقال لها : الخلد ، ثم قال لنهر في الجنة : كن مدادا فجمد النهر ، وكان أشد بياضا من الثلج وأحلى من الشهد. ثم قال للقلم : اكتب. قال : يا رب ما أكتب؟ قال : اكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة