الربوبية كلها قبال تقسيمهم إياها بين آلهتهم بتخصيص كل منها بشيء من شئونها وأبوابها كربوبية البحر وربوبية البر وربوبية الأرض وربوبية السماء وغير ذلك.
وقد جرد عليهالسلام جوابه عن التأكيد للإشارة إلى ظهور رسالته وعدم ضلالته تجاه إصرارهم بذلك وتأكيد دعواهم.
قوله تعالى : « أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ » أخبرهم بأوصاف نفسه فبين أنه يبلغهم رسالات ربه ، وهذا شأن الرسالة ومقتضاها القريب الضروري ، وفي جمع الرسالة دلالة على كونها كثيرة وأن له مقاصد أمره ربه أن يبلغها إياهم وراء التوحيد والمعاد فإنه نبي رسول من أولي العزم صاحب كتاب وشريعة.
ثم ذكر أنه ينصح لهم وهو عظاته بالإنذار والتبشير ليقربهم من طاعة ربهم ويبعدهم عن الاستكبار والاستنكاف عن عبوديته كل ذلك بذكر ما عرفه الله من بدء الخلقة وعودها وسننه تعالى الجارية فيها ولذا ذكر ثالثا أنه يعلم من الله ما لا يعلمون كوقائع يوم القيامة من الثواب والعقاب وغير ذلك ، وما يستتبع الطاعة والمعصية من رضاه تعالى وسخطه ووجوه نعمه ونقمه.
ومن هنا يظهر أن الجمل الثلاث كل مسوق لغرض خاص أعني قوله : « أُبَلِّغُكُمْ » الآية و « أَنْصَحُ لَكُمْ » و « أَعْلَمُ » الآية وهي ثلاثة أوصاف متوالية لا كما قيل : إن الأوليان صفتان ، والثالثة جملة حالية عن فاعل « وَأَنْصَحُ لَكُمْ ».
قوله تعالى : « أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ » إلى آخر الآية. استفهام إنكاري ينكر تعجبهم من دعواه الرسالة ودعوته إياهم إلى الدين الحق والمراد بالذكر ما يذكر به الله وهو المعارف الحقة التي أوحيت إليه ، وقوله : « مِنْ رَبِّكُمْ » متعلق بمقدر أي ذكر كائن من ربكم.
وقوله : « لِيُنْذِرَكُمْ » و « لِتَتَّقُوا » و « لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ » متعلقات بقوله : « جاءَكُمْ » والمعنى لغرض أن ينذركم الرسول ، ولتتقوا أنتم ، ويؤدي ذلك إلى رجاء أن تشملكم الرحمة الإلهية فإن التقوى وإن كان يؤدي إلى النجاة لكنها ليست بعلة تامة ، وقد اشتمل ما حكي من إجمال كلامه عليهالسلام من معارف عالية إلهية.
قوله تعالى : « فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ » الفلك السفينة يستعمل